149

Mawsūʿat al-aʿmāl al-kāmila liʾl-Imām Muḥammad al-Khaḍr Ḥusayn

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Editor

علي الرضا الحسيني

Publisher

دار النوادر

Edition

الأولى

Publication Year

1431 AH

Publisher Location

سوريا

Genres

عساه أن يثور بينهم من التنازع والشحناء.
﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ﴾:
هذه الجملة خطاب من الله لبني إسرائيل في الإذن لهم بأن يتمتعوا بما مَنَّ الله به عليهم من مأكول طيب، ومشروب هنيء. ويرتبط معنى الجملة بما قبلها بملاحظة فعل من القول دل على مكانه المعنى بوضوح. والتقدير: وقلنا: كلوا وا شربوا.
والرزق: المرزوق من الطعام والشراب. وفي إضافته إلى الله تعالى: ﴿رِزْقِ اللَّهِ﴾ تعظيم للمنة، وإيماء إلى أنه رزق حاصل لهم من غير تعب ولا مشقة.
﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾:
تعثوا: من عثى يعثي عثيًا؛ أي: أفسد. ويقال: عثا يعثو عثوًا، فمعنى لا تعثوا: لا تفسدوا. والأرض: هذه المعمورة المقابلة للسماء. ومن أفسد في بيت أو بلد أو قطر، صحّ أن يقال له: لا تفسد في الأرض، وصحّ أن يقال وقتئذ: وقع اليوم فساد في الأرض. والفساد إذا وقع من الناس إنما يقع في الأرض. وفي التصريح بذلك مبالغة في تقبيح الفساد؛ حيث إنه يقع على وجه البسيطة، وقد خلقها مالكها لينتفع بها الناس، وليعملوا عليها صالحًا.
وقوله: ﴿مُفْسِدِينَ﴾ حال مؤكدة، والتأكيد يرجع إلى النهي عن العثي، ووجه فصاحة هذا الأسلوب: أن المتكلم قد تشتد عنايته بأن يجعل الخبر أو الأمر أو النهي قارًّا في نفس السامع، واقعًا موقعًا لا يحوم به لبس، ومن مظاهر هذه العناية: التوكيد، وللتوكيد في العربية طرق مألوفة، منها:

1 / 115