Aclam Fikr Islami
أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث
Genres
ثم سافر مع أخيه الأكبر إلى بلاد الروم وبلاد الترك، ثم دخل حلب وقرأ على الشيخ أحمد الترمانيني وأجازوه، ثم رحل إلى الشام سنة 1255ه وقرأ على الشيخ سعيد الحلبي، والشيخ عبد الرحمن الطيبي، والشيخ عبد الرحمن الكزبري، وأخذ طريقته النقشبندية على الشيخ محمد الخاتي الخالدي، فانتفع به حتى استخلفه عنه فيها.
1
وعاد إلى مصر سنة 1260ه، ودخل الجامع الأزهر وانقطع للطلب بهمة وجد واجتهاد، فقرأ على الشيخ إبراهيم الباجوري، والشيخ إبراهيم السقا، والشيخ عليش المغربي، والشيخ مصطفى البلتاني،
2
والشيخ مصطفى المبلط، والشيخ محمد الخضري، وأكثر قراءته عليه في العلوم الغريبة كالميقات والفلك والجبر والمقابلة، إلى أن صار إماما في العلوم العقلية والنقلية، مع شدة ذكائه وحفظه.
ثم رجع إلى الشام واستوطن دمشق في محلة الميدان سنة1265ه، وجلس في حجرة جامع سيدنا صهيب الرومي، فأقبل عليه الطلبة، ولم يزل يقرئ الطالبين إلى سنة 1278ه، ثم دعاه الأمير عبد القادر الجزائري وعين له معاشا (راتبا) واستأجر له دارا، وأرسل جميع أولاده للأخذ عنه مع غيرهم من طلاب العلوم والفنون.
وكان الشيخ الطنطاوي يشتغل إلى ذلك بحساب جداول مما يتعلق بعلم الفلك والميقات والربع المقنطر والمجيب والأسطرلاب، وقد قرأت
3
عليه جملة رسائل فيها، كما قرأت عليه دروسه في جامع صهيب، كما كنت في معيته سنة 1290ه حينما وقع خلل في بسيطة منارة جامع بني أمية المسماة «بمئذنة العروس»، فحسب الشيخ سائر أعمالها، وجعل لها جداول بعدة الأعمال ورسم غيرها، ثم أزالها ووضع بسيطته في مكانها. «وبالجملة» كان في كل علم عمدة، ولكل مشكلة عدة، رقيق القلب رحيمه، سخي الكف كريمه، غير أن دهره قد عانده، وعاكسه في آخر أمره وما ساعده، وهذا من دأبه مع أهل الفضائل، وذوي المآثر والشمائل، إلا أنه كان يقابل ذلك بالتسليم والرضا، ويعلم أن ذلك مما جرى به القدر والقضا.
4
Unknown page