أما الربان فقد ذهل لهذه الحادثة، فوضع يده على كتفه وقال له: من أنت؟ قال: أنا فتى منحوس، يريدون إرساله بالرغم عنه إلى أمريكا، ونظر الربان عند ذلك إلى بول، وأشار إلى الفتى وقال: لقد عرفت هذا الرجل فهو شقي سفاك، فهم فيلكس أن يهجم عليه، ولكن البحارة حالوا دون قصده، وقال الربان: سوف ننظر في أمرك أيها الفتى، فنحن الآن في شاغل عنك بإنقاذ السفينة، وأخذ الربان يصدر أوامره إلى البحارة، فألقوا أكثر البضائع المشحونة إلى المياه، وما زال يكافح الأمواج إلى أن هدأ ثائر العاصفة عند الفجر، وسكن اضطراب الأمواج، ولما اطمأن باله جاء ببول وفيلكس كي يتم معهما التحقيق.
وكان بول قد رأى أنه بات في موقف حرج، فإن الفتى كان في صندوقه، وكان يعلم أنه فيه، فأخذ يعمل الفكرة حتى اهتدى إلى حيلة تنقذه من موقفه، فسأل الربان قائلا: ألم يفتش البوليس سفينتك قبل سفرها؟
قال: نعم.
قال: ألم يكن يبحث فيها عن فتى بهلوان متهم بقتل خليلته؟
أجاب: هو ذاك.
قال: إذن فاعلم أن القاتل هو هذا الفتى الذي وجدته في الصندوق. فضج البحارة لهذه التهمة، وأشفقوا بجملتهم على فيلكس؛ إذ لم يكن وجهه الجميل يدل على شيء من الشر.
أما فيلكس فإنه اشمأز من هذه التهمة الكاذبة، وقال: لقد كذب فيما ادعاه، فما أنا من القاتلين.
فابتسم بول وقال: بل إني لم أقل غير الحق، فقد أردت إنقاذ هذا المنكود من المشنقة، فانظروا كيف يكافئني، وقد ندمت الآن؛ لأني لم أدعكم تطرحونه في البحر، فهذا أقل ما يستحق.
فاعترضه فيلكس قائلا: بل إنك رجل سفاك أثيم. فمنعه الربان عن الكلام، وقال لبول: أوضح لنا الآن كيف اتفق وجود هذا الفتى في صندوق من صناديق أمتعتك؟
قال: ذلك سهل إيضاحه، فإن الفتى يشتغل بهلوانا، وهو يقيم في الدور السادس من المنزل الذي أقيم فيه.
Unknown page