198

Abū Nuwās: al-Ḥasan b. Hāniʾ

أبو نواس: الحسن بن هانئ

Genres

أما عصر أبي نواس فقد تباعدت فيه الفجوة بين الطرفين إلى أقصى مداها، فجزم الخوارج بتكفير كل من عداهم، وحملوا السلاح لقتاله، واعتبروا كل من خالف الدين في معصية ارتكبها كافرا مخلدا في العذاب، وتعددت فرق المرجئة فنجم منهم من كاد يسقط الأوامر والنواهي، ويقول: إن الإيمان عقيدة في القلب لا شأن لها بأعمال الجوارح، فكل من اعتقد الوحدانية والوحي المنزل، فله جزاء المؤمنين يوم الحساب.

ونقبس هنا بعض ما كتبه الشهرستاني عن هذه الفرق في كتابه «الفصل في الملل والنحل»، حيث قال في الجزء الرابع:

غلاة المرجئة طائفتان: إحداهما الطائفة القائلة: بأن الإيمان قول باللسان وإن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن عند الله - عز وجل - من أهل الجنة، وهذا قول محمد بن كرام السجستاني وأصحابه، وهو بخراسان وبيت المقدس، والثانية الطائفة القائلة: إن الإيمان عقد بالقلب وإن أعلن الكفر بلسانه فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله - عز وجل - وهذا قول أبي محرز جهم بن صفوان السمرقندي مولى بني راسب كاتب الحارس بن سريج التميمي أيام قيامه على نصر بن سيار بخراسان، وقول أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي اليسر الأشعري البصري وأصحابهما. وقالت طائفة الكرامية: المنافقون مؤمنون مشركون من أهل النار، وقالت طائفة منهم أيضا: من آمن بالله وكفر بالنبي

صلى الله عليه وسلم ، فهو مؤمن كافر معا، ليس مؤمنا على الإطلاق ولا كافرا على الإطلاق، وقال مقاتل بن سليمان - وكان من كبار المرجئة: لا يضر مع الإيمان سيئة جلت أو قلت أصلا، ولا ينفع مع الشرك حسنة أصلا.

إلى آخر هذه الأضاليل التي لا طائل تحتها، فلا جرم يتلقف أبو نواس رأيا كهذا ويتهافت عليه؛ ليجمع بين لهوه واعتقاده الإيمان، وطفق ينادي بإنكار الشرك ولا يبالي ما عداه فقط:

ترى عندنا ما يسخط الله كله

من العمل المردي الفتي ما خلا الشركا

وقال:

ترى عندنا ما يكره الله كله

سوى الشرك بالرحمن رب المشاعر

Unknown page