Abu Hanifa Wa QIyam Insaniyya
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
Genres
6
أنه بلغه أن صكوكا خرجت للناس من طعام الجار في زمن مروان بن الحكم، فتبايع الناس هذه الصكوك قبل أن يستوفوها، فدخل زيد بن ثابت ورجل من أصحاب الرسول
صلى الله عليه وسلم ، وقالا لمروان: أتحل بيع الربا يا مروان! فقال: أعوذ بالله! وما ذاك؟ فقالا: هذه الصكوك تبايعها الناس قبل أن يستوفوها. فبعث مروان الحرس ينزعونها من أيدي الناس، ويردونها إلى أهلها. (3)
اشترى مخلد بن خفاف غلاما، فاستغله ثم ظهر منه على عيب، فرفع أمره إلى عمر عبد العزيز، فقضى برد الغلام للبائع، ورد ما أفاده المشتري منه. ولكن عروة بن الزبير يذهب إلى عمر يخبره أن الرسول
صلى الله عليه وسلم
قضى بمثل ما قضى في مثل هذا أن الخراج بالضمان، وحينئذ أبطل عمر حكمه، وقضى بمثل ما قضى به الرسول،
7
ومن المعروف أن عمر بن عبد العزيز كان فقيها أيضا. (4)
ذكر الإمام النسائي في سننه في البيوع أن مروان بن الحكم (الذي تقدم ذكره آنفا) كتب لأسيد بن حضير الأنصاري، وكان عاملا على اليمامة، بأن معاوية كتب إليه أن من سرق منه متاع فهو أحق به حيث وجده. فكان جواب أسيد لمروان: أن النبي قضى بأن من ابتاع متاعا مسروقا وكان غير متهم كان لصاحبه أن يأخذه من المشتري بثمنه أو يرجع على السارق. وعرف مروان أن هذا الحكم هو الواجب اتباعه، لصدوره عن الرسول، ولعمل أبي بكر وعمر وعثمان به، فبعث بكتاب أسيد إلى معاوية، فكتب إليه: إنك لست أنت ولا أسيد تقضيان علي؛ ولكني أقضي عليكما. فأنكر ذلك أسيد حين علمه، وقال: لا أقضي ما وليت بما قال معاوية. (5)
وحين استلحق معاوية «زياد ابن أبيه» مقرا بأخوته له، مستجيبا في هذا لعوامل سياسية على حين أن الشريعة لا تبيحه، لم يستطع الفقهاء أن يتقبلوا هذا الصنيع منه، فكان أحدهم، وهو سعيد بن المسيب، يقول: قاتل الله فلانا - يريد معاوية - كان أول من غير قضاء الرسول، وقد قال: «الولد للفراش وللعاهر الحجر.» والحديث
Unknown page