دون اعتراض آخر، ناولتها ميريام الكشاف. ببطء سلطته جوليان على جثة لوك، ثم جثت على ركبتيها أمام رأسه وحاولت أن تمسح الدم عن وجهه بطرف تنورتها.
قالت ميريام برفق: «لا جدوى من ذلك. فلم يعد أي شيء موجودا في مكانه.»
قالت جوليان: «لقد ضحى بحياته كي ينقذني.» «بل ضحى بحياته كي ينقذنا جميعا.»
شعر ثيو فجأة بإرهاق شديد. قال في نفسه: يجب أن ندفنه. يجب أن نواريه الثرى قبل أن نتابع طريقنا. لكن نتابع طريقنا إلى أين وكيف؟ بطريقة ما يجب أن نحصل على سيارة أخرى وطعام ومياه وأغطية. لكن الحاجة الأشد كانت للماء في الوقت الحالي. كان متعطشا للماء، وكان عطشه يطغى على جوعه. كانت جوليان جاثية على ركبتيها بجوار جثة لوك، تحتضن رأسه المهشم في حجرها، وينسدل شعرها الداكن على وجهه. لكن دون أن يصدر عنها أي صوت.
ثم انحنى رولف وأخذ الكشاف من يد جوليان. وسلطه بالكامل على وجه ميريام. طرفت بعينيها في ضوئه الرفيع القوي، ورفعت يدها أمام وجهها في حركة غريزية. كان صوته خافتا وغليظا ومشوشا كأنه يحاول الخروج عنوة من حنجرة مريضة. قال: «طفل من الذي في أحشائها؟»
خفضت ميريام يدها ونظرت إليه بثبات لكنها لم تتكلم.
كرر: «سألتك طفل من الذي في أحشائها؟» كان صوته أوضح تلك المرة، لكن رأى ثيو أن جسده كله كان ينتفض. اقترب ثيو من جوليان على نحو غريزي.
فالتفت إليه رولف. «لا تتدخل في هذا الشأن! لا شأن لك بهذا الأمر. أنا أسأل ميريام.» ثم كرر بعنف أكبر: «لا شأن لك بهذا الأمر على الإطلاق!»
جاء صوت جوليان من الظلام: «ولم لا تسألني أنا؟»
التفت إليها للمرة الأولى منذ وفاة لوك. انتقل ضوء الكشاف بثبات وبطء من وجه ميريام إلى وجهها.
Unknown page