326

Al-radd al-qawīm ʿalā al-mujrim al-athīm

الرد القويم على المجرم الأثيم

Publisher

الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٣ هـ

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

الوجه الثالث أن يقال إن السبق إلى الإِيمان لا يستلزم كثرة الرواية عن النبي ﷺ، فكم من سابق إلى الإِيمان وليس بمكثر من الرواية عن النبي ﷺ، وكم من مكثر من الرواية عن النبي ﷺ وهو ممن تأخر إسلامه أو كان صغير السن في حياة رسول الله ﷺ، فليس المعول في كثرة الرواية عن النبي ﷺ على كبر السن ولا على السبق إلى الإِيمان، وإنما المعول في ذلك على الحفظ والإِتقان وطول العمر بعد وفاة رسول الله ﷺ، وقد حصل لأبي هريرة ﵁ حظ وافر من الحفظ والإِتقان وذلك ببركة لزومه لرسول الله ﷺ وشدة حرصه على أخذ العلم والحديث عن النبي ﷺ وتأمين رسول الله ﷺ على دعائه لما سأل الله علمًا لا ينسى. وقد تأخرت وفاته إلى سنة تسع وخمسين من الهجرة.
وأما قوله وقد ثبت أن كثيرًا من الصحابة لم يرون شيئا عن النبي منهم سعيد بن زيد بن فضل بن عمارة أحد العشرة المبشرين بالجنة.
فجوابه أن أقول لا أدري من أيهما أعجب، أمن تخبيط أبي رية في عدد الأحاديث التي رواها من تقدم ذكرهم من أكابر الصحابة ﵃، أم من تخبيط المؤلف في نسب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ﵁، وإنه ليصدق على المؤلف وأبي رية قول الشاعر:
لقد كان في الإعراض ستر جهالة ... غدوت بها من أشهر الناس في البلد
وقول الآخر:
زوامل للأسفار لا علم عندهم ... بجيدها إلا كعلم الأباعر
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا ... بأوساقه أو راح ما في الغرائر
فأما قول المؤلف «لم يرون شيئا» فصوابه «لم يرووا شيئا» وإذا كان المؤلف لا يعرف الفرق بين الرؤية والرواية مع أن ذلك لا يخفى على أصغر طلبة العلم فما باله يتطاول على الأحاديث الصحيحة ويقابلها بالرد والإِنكار، ويتطاول على بعض أصحاب رسول الله ﷺ ويطعن فيهم بالإِفك والبهتان.
وقد روى الإِمام أحمد بإِسناد صحيح والبخاري وأبو داود وابن ماجه عن أبي

1 / 325