وأما قوله وقد جعلها أبو هريرة من مدائن الجنة في حديث رفعه إلى النبي - ص - هذا نصه «أربع مدائن من مدائن الجنة مكة والمدينة وبيت المقدس ودمشق وأما مدائن النار فالقسطنطينية وطبرية وأنطاكية وصنعاء».
فجوابه أن يقال هذا الحديث قد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وساقه من طريق الوليد بن محمد - وهو الموقري صاحب الزهري - عن الزهري عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار عن أبي هريرة ﵁ مرفوعا. ثم قال ابن الجوزي هذا حديث لا أصل له قال أحمد بن حنبل الوليد ليس بشيء وقال يحيى كذاب، وذكر الذهبي عن أبي حاتم أنه قال ضعيف الحديث وقال ابن المديني لا يكتب حديثه وقال النسائي متروك الحديث وقال الذهبي مجمع على ضعفه وقال السيوطي الوليد كذاب، وكذا قال الشوكاني قال والحديث قد أورده ابن الجوزي في الموضوعات فأصاب انتهى.
وقد أخطأ أبو رية خطأ كبيرًا وأساء الأدب في كلامه حيث زعم أن أبا هريرة ﵁ هو الذي جعل أربع مدائن من مدائن الجنة وأربعا من مدائن النار. وأخطأ المؤلف خطأ كبيرًا حيث نقل كلام أبي رية وأقره. وإنما الذي قال في المدائن المذكورة ما قال هو الكذاب الذي وضع الحديث، وأما أبو هريرة ﵁ فهو بريء من هذا الحديث وغيره من الأحاديث الموضوعة. ومن زعم أن أبا هريرة ﵁ قد وضع شيئا من الأحاديث فهو مفتر أفاك.
وأما حديث «لتفتحن القسطنطينية فنعم الأمير أميرها ونعم الجيش ذلك الجيش» فقد رواه الإِمام أحمد وابنه عبد الله والبزار وابن خزيمة والطبراني من حديث عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه ﵁ أنه سمع النبي ﷺ يقول فذكره، قال الهيثمي ورجاله ثقات، ورواه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الإِسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وهذا الفتح إنما يكون في آخر الزمان بعد الملحمة الكبرى وقبل خروج الدجال بزمن يسير كما جاء ذلك في حديث معاذ بن جبل ﵁ قال قال رسول الله ﷺ «الملحمة الكبرى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر» رواه الإِمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم في مستدركه وقال الترمذي حديث حسن.