A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran
غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
Publisher
دار الفاروق للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
Publisher Location
عمان
Genres
"الصَّغير حتَّى يَكْبَر، والمريض حتَّى يَبْرَأ، والغائِب حتَّى يَؤوب" ويُوسُفُ كَانَ صَغِيرًا، وفَوقَ ذلكَ يَعْقُوبُ - ﵇ - كانَ يَتَوسَّمُ فيهِ الصَّلاحَ والتَّقوى والنُّبوَّةَ، وقوَّى ذلكَ تلك الرؤيا الصَّالِحة الَّتي رآهَا يُوسُفُ، فهو مُحِبٌّ له لآمَالِهِ فِيهِ، ولِرَجَائِهِ في مُسْتَقْبَلِهِ.
ومع أنَّ الحبَّ أمْر باطن في الجَنان، ولكنَّ مظاهره لا تخفى على أحد، فهي تبدو على الجوارح والأركان.
ثمَّ ناقَشُوا في اجْتِمَاعِهِم المُغْلَق ما يَصْنَعُونَه في يُوسُفَ، فَفَكَّروا في بادِئ الأمرِ بِقَتْلِهِ، قائِلِينَ: ﴿اقْتُلُوا ... يُوسُفَ﴾.
يا لله! إلى أيِّ حَدٍّ يَصِلُ الحَسَدُ بِقَلْبِ صَاحِبِهِ؟ إلى حَدِّ البَغِي والعُدْوانِ! نَعَم؛ فَبَواعِثُ الحَسَدِ تُهَوِّنُ الأمرَ العَسِيرِ، وتُسَهِّلُ على العَبْدِ ارتِكَاب المظلمة واقْتِرَافَ الذَّنْب العَظِيم، بل إنَّ الحَسدَ إذَا تَمَكَّنَ مِنَ القُلُوبِ لا يَعْرِفُ أخوَّةً ولا صدَاقَةً، ولا يُفَرِّقُ بين رَفِيقٍ أو حَمِيم.
﴿اقْتُلُوا ... يُوسُفَ﴾ اقْتُلُوه تَخَلَّصوا مِنْهُ ﴿أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا﴾ وإلَّا تَقْتُلوهُ، فألْقُوهُ في أَرْضٍ مَنْكُورة مَجْهُولة بَعِيدة خَلاء فَضَاء.
﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾ لِيُقْبِلَ أبُوكُم عَلَيْكُم أَنْتُم، ولا يُنَازِعُكم في مَحَبَّتِهِ أحَدٌ، ولا يشْغَلُه عَنْكُم شَاغِلٌ في مَحَبَّتِهِ.
﴿وَتَكُونُوا مِنْ ... بَعْدِهِ﴾ من بَعْدِ قَتْلِهِ أو طَرْحِهِ - والمَآلُ واحِد - ﴿قَوْمًا صَالِحِينَ (٩)﴾ بالتَّوبةِ والإنَابةِ إلى الله تَعَالى والرُّجوعِ إليهِ.
وهذا مِنَ الجَهْلِ؛ فإنَّ التَّوبَةَ الَّتي هَذا شأنُها غَيْرُ مَقْبُولةٍ، فإنَّ مَنْ يُضْمِر مِنْ قَبْل عَلى الذَّنْبِ ثمَّ التَّوبة مِنْه، إِنَّما يَقْصِد بِتَوبتِهِ المَكرَ بالله تَعَالى، ولا يَقْصِدُ الرُّجُوعَ إِليهِ حَقِيقَة.
1 / 30