90

...

سلسلة إيمانيات

Genres

فضيلة القرآن والتنافس فيه وقال ﷺ: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: يا رب! منعته الطعام والشراب؛ فشفعني فيه، ويقول القرآن: يا رب! منعته النوم بالليل؛ فشفعني فيه، قال ﷺ: فيشفعان) أي: يشفع الله الصيام والقرآن للصائم القائم بالقرآن الكريم. وتدبر معي هذا الحديث الجميل الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال: (لا حسد إلا في اثنتين)، والحسد هنا بمعنى الغبطة، والغبطة معناها: أن تتمنى أن ينعم الله ﷿ على العبد الذي تطلعت إلى النعمة معه، وأنت في الوقت ذاته تتضرع إلى الله أن يمن عليك بمثل ما من به على أخيك، لكن الحسد: أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك، فشتان بين الحسد والغبطة! فسيدنا رسول الله ﷺ يقول: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالًا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)، ربما يفهم الحديث بعض أحبابنا فهمًا قاصرًا، فيقول: هل تريد منا يا أخي -بنص حديث رسول الله ﷺ الذي ذكرت الآن- أن نعكف على القرآن آناء الليل والنهار، وأن نترك أعمالنا وأشغالنا وتجاراتنا إلى آخره؟ فأقول: لا. ليس هذا هو المراد، وإنما المراد أن يداوم المسلم على قراءة القرآن بقدر ما يستطيع، وأن يكثر من قراءة القرآن بقدر ما يستطيع، بل تستطيع أنت أن تقرأ القرآن حتى وأنت في بعض أشغالك وأعمالك، إن لم يكن العمل يحتاج إلى صفاء ذهن وتركيز عقل؛ فهناك من الأعمال ما تستطيع أن تبدأها على الأقل بآيات من كتاب الله ﷾، فإن وجدت نفسك فارغًا من عمل لنفسك أو للمسلمين؛ فلا بأس أن تردد ما تحفظه أنت من كتاب الله ﷾، فالهدف أن يكثر المسلم من قراءة القرآن، وأن يداوم النظر في كتاب الله على قدر ما يستطيع، من باب قوله جل وعلا: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:١٦] . وفي الصحيحين أيضًا من حديث عثمان بن عفان ﵁، يقول النبي ﷺ: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، ومن جميل ما قاله سيدنا ورسولنا ﷺ كما في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره بسند صحيح، وكذلك الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄، أن النبي ﷺ قال: (يقال لقارئ القرآن يوم القيامة: اقرأ وارتق -في درجات الجنة- ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها)، انظر إلى هذه الدرجة العظيمة، وهذا الفضل العظيم الذي يناله قارئ القرآن.

8 / 14