وفي البخاري(1) ومسلم(2) من طريق الزهري: فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه، فتنحى تلقاء وجهه، فقال له: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه، حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله فقال: أبك جنون؟ قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال رسول الله: ((اذهبوا فارجموه)).
فهذا الثبت في الحدود ومحاولة الستر على من أقر أول مرة بالإعراض عنه، فكيف يسأل من لم يقر؟ ليقر، ليجب عليه الحد إن اعترف؟
وقد أخرج البخاري(3) عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي قال له: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت...إلى آخره.
وهذا يؤكد بعد رواية الزهري: ((اغد على امرأة هذا فسلها فإن اعترفت فارجمها)) فبينها وبين الحديث في ماعز مراحل ومسافات، فإذا كان قد تأنى بماعز وأعرض عنه وقال له: ((لعلك قبت...)) إلى آخره فبالأولى أن لا يسأل امرأة لم تقر أصلا ولا جاءت لذلك، بل هي غائبة، وإنما قذفها رجل أجنبي فضولي.
ثم من البعيد أن يقول: فإن اعترفت فارجمها، والرجم لا يكون على مطلق الاعتراف حتى يكون أربع مرات بل ولا عقيب الإقرار من المرأة حتى يتبين عدم الحمل.
ومن البعيد إرسال رجل واحد لرجمها وهي قد تدافع عن نفسها فتصارعه أو تراجمه إذا لم يكن إلا واحدا.
فتأكدت النكارة في هذه الرواية بمجموع ما ذكرناه من الوجوه.
أما التهمة للزهري فيها فهو متهم بقصد نصرة عمر في إثبات الرجم ثابتة في كتاب الله كما هو ظاهر رواية البخاري(4) ومسلم(5).
فكأن الزهري خاف أن يعاب هذا على عمر؛ لأن القرآن محفوظ لا يضيع منه شيء لقول الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[الحجر:9].
Bogga 68