اعلم أنه لا نكارة في طلب حكم الله، ولا في طلب حكم الله في كتابه، فإنه حق وصدق، لكن من المستبعد التركيز على أن يكون القضاء بكتاب الله والاهتمام على تخصيص القضاء بكتاب الله، مع أن العادة في الخصومة طلب حكم الله من دون اشتراط أن يكون في كتاب الله؛ لأن غرض الخصمين هو فصل الخصومة بينهما بحكم الله بدون قيد أن يكون في كتاب الله؛ لأنهم يكونون مشغولين بالخصومة عن اقتراح أن يكون الحكم بكتاب الله، مع أنهما بحضرة رسول الله ليس لهما حق في الفرار من سنته، ولا يقرهما رسول الله على ذلك؛ لأنه هضم للسنة وتوهين لاعتبارها، ولا حق لهما في اشتراط أن يكون الحكم بكتاب الله، كما لا حق لهما أن يكون الحكم بما في بعض القرآن دون بعض؛ لأن الواجب هو الحكم بما أنزل الله سواء في الكتاب أم في السنة، فظهر بمجموع ذلك بعد هذه الرواية عن الصحة وأنها منكرة.
ثم إن ظاهر الرواية أن الحكم ترتب على الدعوى دون جواب الخصم؛ لأنه في الرواية قال عقيب ذكر الدعوى: فقال: والذي نفسي بيده...إلى آخره، والحكم لا يكون إلا بعد سماع جواب الخصم.
ثم إن في الحكم: ((وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام)) وهذا لا يكون على مجرد الدعوى، بل ولا على اعتراف الأب، بل لا بد من أربعة شهود أو الإقرار أربع مرات من الابن نفسه لا من الأب، وكذلك في الحكم الإرسال إلى الزوجة لسؤالها، وهذا لا يكون من رسول الله لأنه تجسس ولأنها ما دامت مستترة بستر الله فلا يطلب منها كشفه عنها، وهذا لأن الدعوى عليها من أب الولد فلا موجب لسماع دعواه؛ لأنه فضولي.
وإذا كان رسول الله قد رد ماعزا الأسلمي حتى أقر أربع مرات، كما في البخاري(1) فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه حتى أقر أربع مرات، ونحو ذلك في مسلم(2).
Bogga 67