### ||| فصل
ومما يتهم به الزهري من الروايات في عمر ما أخرجه البخاري(1) ومسلم(2) من طريق الزهري عن عمر كان رسول الله يعطيني العطاء فأقول: اعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: خذه إذا جاءك من هذا المال شيء...الحديث.
فهذه رواية الزهري تصور للسامع أن عمر كان يحب الإيثار لمن هو أفقر منه، ويطلب ذلك من الرسول مرارا عديدة كما يشعر به لفظ: (كان) وفي ذلك رفع لدرجة عمر في الزهد والسماحة حيث يحاول أن لا يأخذ إلا إذا لم يوجد من هو أفقر إليه منه.
لكن رواية الزهري ليست بهذه الصورة، وقد أخرجها مسلم في صحيحه(3) وحاصلها: عملت على عهد رسول الله فعملني فقلت: إنما عملت لله وأجري على الله، فقال لي رسول الله: ((إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل وتصدق)).
فهذا ليس فيه ذكر الإيثار، وإنما فيه تقديم طلب معرفة أنه يصلح له أخذه مع أنه عمل لله، أو لا يصلح لأنه يفوت الثواب، أو لأنه يكون أخذ أجرا عاجلا مع أنه يعمل للأجر الآجل، فيخشى أن يكون كالمتصدق الذي يأخذ ثمن صدقته، أي إنه آخذه بغير حق.
وهذه الرواية -وإن كانت تنسب لعمر فضيلة في صنيعه الذي ظاهره التثبت مرة واحدة- فإن رواية الزهري لم تقتصر على ذلك حتى رفعت عمر لدرجة أعلى من ذلك، وهي الاستمرار على حب الإيثار.
فصل
ومما يتهم به الزهري من الروايات في عمر ما أخرجه البخاري(4) ومسلم(5) من طريق الزهري أن عائشة قالت: كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله: أحجب نساءك، قالت: فلم يفعل...إلى آخره.
Bogga 59