فصل مما يتهم به الزهري
ما أخرجه البخاري في صحيحه(1) ومسلم في صحيحه(2) من طريق الزهري أن أبا هريرة قال: إنكم تقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله؟! وتقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدثون عن رسول الله بمثل حديث أبي هريرة؟! وإن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم صفق بالأسواق، وكنت ألزم رسول الله على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا، وكان يشغل إخوتي من الأنصار عمل أموالهم، وكنت امرأ مسكينا من مساكين الصفة أعي حين ينسون. انتهى المراد.
النكارة
إن أبا هريرة ليس مظنة أن يدعي انفراده برسول الله في وقت توفر المهاجرين والأنصار وهذه الرواية تشعر بذلك.
مع أن آخر الكلام ينقض أوله؛ لأن قوله: (وكنت مسكينا من مساكين أهل الصفة) يدل على ملازمة أهل الصفة لرسول الله ويدعي أبو هريرة في هذه الرواية أنه منهم فبطل بها دعوى انفراده بالرسول دون المهاجرين كافة.
ثم إن أبا هريرة لو ادعى انفراده في وقت توافر المهاجرين والأنصار، لكذبه الجمهور منهم، لمعرفتهم أن الواقع بخلاف ذلك.
ولو كان يدعيه لرواه عنه تلاميذه الملازمون له، ورووه لتلاميذهم، حرصا على حماية شيخهم عن التهمة بالكذب.
ويؤكد النكارة أن عليا عليه السلام كان ملازما له، وكان عنده بمنزلة الولد مع والده، كما أقر بذلك ابن حجر كما مر في شرح نكارة رواية خطبة بنت أبي جهل وكانت مدة ملازمته له من قبل النبوة إلى الوفاة وحتى جهزه وواراه في قبره وهذا واضح لا يمكن أبا هريرة إنكاره في ذلك العهد الذي ذكرناه(3) وكذلك غير علي عليه السلام.
Bogga 56