الغرض الذي يتهم به الزهري
يتهم الزهري وأضرابه بسرقة فضائل علي عليه السلام في مواضع عديدة ونسبتها لأبي بكر أو نحوه، حرصا على تفضيل أبي بكر، وحسدا لعلي عليه السلام وتحببا إلى النواصب والبكرية والعثمانية، وتقربا إلى ملوك بني أمية.
وقد أخرج أحمد في المسند(1) بسنده عن أبي هريرة عن النبي قال: ((يهلك أمتي هذا الحي من قريش، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم)). انتهى.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على هذا الحديث فإنه خلاف الأحاديث عن النبي يعني قوله: ((اسمعوا وأطيعوا واصبروا)). انتهى.
قلت: يعني إنه منكر من جهة معناه على مذهب أحمد بن حنبل، فأما سنده فلا كلام فيه عندهم؛ لأنه هكذا: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي التياح قال: سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة عن النبي قال: ((يهلك أمتي)) إلى آخر الحديث.
قلت: بل هذا الحديث هو الموافق لقوله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا}[هود:113] وقول الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}[المائدة:2]، فأما الأحاديث التي ذكرها: ((اسمعوا وأطيعوا)) فإنها على ضربين:
أحدهما: يظهر أنها في أمراء الرسول الذين يؤمرهم في البعوث والسرايا في الجهاد، فعلى من أمروا عليهم السمع والطاعة والصبر حتى يرجعوا إلى رسول الله ليس لأحد أن يشق العصا بسبب حادثة تحدث من الأمير ليست كفرا، وذلك لأن معاونته في الوجه الذي وجهه له رسول الله معاونة على البر والتقوى، وليست من المعاونة على الإثم والعدوان، فوجب البقاء معه على ما وجه له، وطاعته فيما أمر ما لم يأمر بمعصية الله.
الضرب الثاني: يظهر أنه موضوع وضعه علماء السوء لجبابرة بني أمية والعثمانية لتخطئة الثائرين على عثمان، وهو أحق بالرد لمخالفته للقرآن، لا الحديث الموافق للقرآن فلا يرد لمخالفته هذه الروايات.
ولنرجع إلى ما كنا بصدده من الكلام على حديث الزهري فنقول: قد رأيت أيها القارئ لهذه الورقات ما أوردناه من حديثه وهو متهم فيه، بقصد إرضاء بني أمية كما بيناه.
Bogga 51