58

Duhurka Islaamka

ظهر الإسلام

Noocyada

ولم يتقنوها في سرعة ومهارة كما فعل الفرس، فما أتى الجيل الثاني والثالث على الفرس حتى رأيناهم قد أمسكوا بزمام الأدب شعرا وكتابة وتأليفا علميا، وليس كذلك الأتراك، فقل أن نرى منهم شاعرا أو ناثرا بالعربية، وعلى الأخص في الأجيال الأولى من إسلامهم، وأسلم الأتراك الأولون فكان إسلامهم ذا لون خاص، فيه نواحي قوة ونواحي ضعف، فهو دين شديد لا يقبل جدالا ولا مناقشة، ولا يقبل مذاهب مختلفة، وعلى العكس من ذلك الفرس، فكان إسلامهم فيه الجدل الشيعي وغير الشيعي، وفيه المقارنة بينه وبين المانوية والزرادشتية والمزدكية، وفي التزندق أحيانا والتفلسف أحيانا، وفيه المذاهب المختلفة التي ظهر أثرها في العراق أيام سلطانهم، أما مؤرخ الإسلام عند هؤلاء الأتراك فلا يرى مجال القول فسيحا كما يراه عند الفرس، ولكل من هذين النوعين من التدين مزاياه ومضاره، كالفرق بين إيمان العجائز وإيمان الفلاسفة.

أخذت طائفة من الأتراك يتعلمون اللغة العربية والدين، وربما كان من خير مثل لتعلم الطبقة الممتازة من الأتراك ما كان من أحمد بن طولون، فقد أخذ يتعلم على حين أن كثيرا من أمثاله لا يعنون بالتعلم. قال المقريزي: «نشأ أحمد بن طولون نشئا جميلا غير نشء أولاد العجم (يريد الترك)، فوصف بعلو الهمة، وحسن الأدب، والذهاب بنفسه عما كان يترامى إليه أهل طبقته.»

62

فدرس العربية، وحفظ القرآن، وتفقه على مذهب أبي حنيفة، وكان ذلك كله وهو في بغداد، ثم خرج إلى طرسوس مرارا، وأخذ الحديث عن كبار المحدثين فيها، «فظهر فضله واشتهر عند الأولياء، وتميز عن الأتراك».

63

فكان في هذا من خير الأتراك، بل كان هو نفسه «شديد الإزراء على الأتراك وأولادهم لما يرتكبونه في أمر الخلفاء، غير راض بذلك، ويستقل عقولهم، ويقول: حرمة الدين عندهم منهوكة».

64

فإذا كانت ثقافة أحمد بن طولون هذه تعد ثقافة ممتازة بين الأتراك، استطعنا أن نستنتج ضيق ثقافة الأتراك عامة في هذا العصر.

ومع هذا فإنا نرى بعض الأتراك من أوائل هذا العصر، وبعده نبغوا في فنون مختلفة على قلة فيهم.

فنرى مثلا «الفتح بن خاقان» التركي قال فيه ابن النديم: «كان في نهاية الذكاء والفطنة وحسن الأدب، وكان من أولاد الملوك، واتخذه المتوكل أخا، وكان يقدمه على جميع أولاده، قتل مع المتوكل ليلة قتل بالسيوف لأربع خلون من شوال سنة 247ه.» وكانت له خزانة كتب لم ير أعظم منها كثرة وحسنا، وكان يحضر داره فصحاء العرب وعلماء الكوفيين والبصريين؛ وروى المبرد شيئا من شعره، وكان يتعشق غلاما له اسمه شاهك، وله فيه أشعار، منها:

Bog aan la aqoon