Hogaamiyeyaal iyo Fannaaniin

Kaamil Shannaawi d. 1376 AH
141

Hogaamiyeyaal iyo Fannaaniin

زعماء وفنانون وأدباء

Noocyada

وبرغم أني كنت أحب سعد زغلول وأتحمس له، فقد أعجبت بالكاريكاتير الذي نال من هيبته، وشعرت بأنه فتح منافذ عقلي وجعل لي إدراكا ووعيا.

وقد عرفت فيما بعد أن هذا الكاريكاتير بريشة «سانتيس»، وهو فنان إسباني اسمه «جان سانتيس»، أقام في مصر فترة طويلة، واتفق مع جريدة الكشكول على أن يخصها وحدها برسومه، وكانت الكشكول لسان حال المعارضين لسعد زغلول.

وتمنيت أن أرى «سانتيس»، ولكن هذه الأمنية لم تتحقق؛ فقد مات سانتيس من أعوام قليلة مضت دون أن أراه.

البقال الرومي

ومنذ مدة ذهبت إلى مجلة «روز اليوسف» لزيارة الأستاذ التابعي، وكنت أحمل له رسالة من شخص تربطه بي وبه صلة القرابة ، ووجدت عنده بقالا روميا، وكان البقال يجلس أمام التابعي، وقد وضع كلتا يديه فوق زجاج المكتب، وكنا في أول الشهر فظننته جاء ليأخذ حساب الشهر أو يطالب بحساب الشهر، وعندما رآني رمقني بنظرة ساخرة، وتراجع بكرسيه إلى الوراء، وأطبق شفتيه على ابتسامة أو كلمة، لا أدري!

ولما انتهت مقابلتي للتابعي، زحف البقال بكرسيه إلى المكتب، استعدادا لمراجعة الحساب مع التابعي!

ودارت الأيام، واشتغلت في مجلة روز اليوسف، وكنت أرى هذا البقال داخلا من غرفة وخارجا من غرفة، وفي خطواته نشاط وضجيج، وكان دائما عاري الساعدين متجهم الوجه، رأسه أصلع ليس فيه شعر، وملامحه أيضا صلعاء، ليس فيها نبض ولا تعبير، عيناه مفتوحتان، وفمه مغلق، وأذنه مرهفة، إذا ضحك قهقه ثم زم شفتيه بسرعة، كأنما تذكر شيئا يمنعه من أن يضحك!

والتقيت بهذا البقال بعد ذلك في «آخر ساعة»، ثم في دار «أخبار اليوم»! وتعاملت معه أنا وسائر القراء، كنا نأخذ منه أجمل أصناف الضحك والسخرية والتهكم، نأخذ منه هذا الكاريكاتير النابض بالحركة، حتى ليخيل إليك أن الصور تقفز وتثب وتطير في الهواء! هذا الذي حسبته بقالا عندما رأيته أول مرة لم يكن إلا الفنان «صاروخان»!

وقد جاء مصر من سنوات طويلة، ولم يتركها يوما واحدا، وعثر عليه التابعي، ودفع به إلى طريق الكاريكاتير، فمشى فيه بخطوات عملاق، وقد ظل طيلة هذه السنوات يقدم صور ساستنا وحكامنا، ويختار لهم الملامح والقسمات التي تعبر عن فكرة الكاريكاتير؛ إن ريشة صاروخان لم تضع ملامح ساستنا وحدهم، بل وضعت كثيرا من ملامح السياسة المصرية نفسها زهاء ثلاثين عاما!

وقد حاول صاروخان طيلة هذه السنوات أن يظفر بالجنسبة المصرية، فكانت العقبات توضع في طريقه، ولم يجرؤ أحد على منحه الجنسية المصرية؛ فقد كان متهما بأنه عدو السراي، وعدو الإنجليز، وعدو الوفد، وعدو خصوم الوفد، ثم اتهم بأنه ضالع مع الشيوعيين!

Bog aan la aqoon