عليهم. وأركان أفعال الحج وشرائطها مذكورة في كتب الفقه ، فلا نطول الكتاب بذكرها.
( فإن أحصرتم ) منعتم ، يقال : أحصر الرجل إذا منع من مراده بعدو أو بمرض أو غيرهما ، قال الله تعالى : ( الذين أحصروا في سبيل الله ) (1). وحصر إذا حبسه عدو عن المضي ، أو سجن ، ومنه قيل للمحبس : الحصير. وهما بمعنى المنع في كل شيء ، مثل صده وأصده. فعند أبي حنيفة كل منع بعدو أو مرض أو غيرهما يثبت له حكم الإحصار. وعند مالك والشافعي وأحمد يختص بمنع العدو وحده ، وأما المنع بالمرض فقالوا : يبقى على إحرامه ، ولا يتحلل حتى يصل إلى البيت ، فإن فاته الحج جعل ما يفعل المفوت من عمل العمرة عليه والهدي والقضاء. هذا إذا لم يشترط عندهم ، أما مع الشرط فالصد والحصر سواء.
وعند أصحابنا الإمامية أن الإحصار يختص بالمرض والصد بالعدو. ولما كان لكل منهما حكم ليس للآخر اختص باسم ، فإن حكم الممنوع بالمرض أن يبعث هديه مع أصحابه ، ويواعدهم يوما لذبحه ، فيتحلل في ذلك اليوم من كل شيء ، إلا من النساء حتى يحج في القابل إن كان حجة واجبا ، أو يطاف عنه للنساء إن كان حجة ندبا. والممنوع بالعدو يذبح هديه حينئذ ويحل له كل شيء حتى النساء ، كما ذكره الله تعالى في قوله : ( فإن أحصرتم ).
( فما استيسر من الهدي ) أي : فعليكم ما استيسر ، أو فالواجب ما استيسر ، أو فاهدوا ما استيسر. يقال : يسر الأمر واستيسر ، وصعب واستصعب ضده. والهدي جمع الهدية. وقيل : مفرد مؤنثه هدية ، وجمعه هدي بتشديد الياء ، واشتقاقه من الهدية. وقيل : من «هداه» إذا ساقه إلى الرشاد ، لأنه يساق إلى الحرم. والمعنى : إن أحصر المحرم وأراد أن يتحلل ، تحلل بذبح هدي يتيسر عليه ، من بدنة أو بقرة أو
Bogga 320