حياة عظيمة ، وذلك أنهم كانوا يقتلون بالواحد الجماعة ، ويقتلون بالمقتول غير قاتله ، فتقع الفتنة ، فكانت في القصاص حياة أي حياة ، أو نوع من الحياة ، وهي الحياة الحاصلة بالارتداع عن القتل ، لوقوع العلم بالاقتصاص من القاتل ، فسلم صاحبه من القتل ، وسلم هو من القود ، فكان القصاص سبب حياة نفسين.
ويحتمل أن يكون كلا الظرفين خبرين ل «حياة» ، وأن يكون أحدهما خبرا والآخر صلة له ، أو حالا من الضمير المستكن فيه.
وقال في المجمع : ونظيره من كلام العرب : القتل أنفى للقتل ، إلا أن ما في القرآن أكثر فائدة ، وأوجز في العبارة ، وأبعد من الكلفة بتكرير الجملة ، وأحسن تأليفا بالحروف المتلائمة.
أما كثرة الفائدة ، فلأن فيه جميع ما في قولهم : القتل أنفى للقتل ، وزيادة معان ، منها : إبانة العدل لذكره القصاص ، ومنها : إبانة الغرض المرغوب فيه وهو الحياة ، ومنها : الاستدعاء بالرغبة والرهبة ، وحكم الله به.
وأما الإيجاز في العبارة ، فإن الذي هو نظير : القتل أنفى للقتل ، قوله : القصاص حياة ، وهو عشرة أحرف ، وذلك أربعة عشر حرفا.
وأما بعده من الكلفة ، فهو أن في قولهم : القتل أنفى للقتل ، تكريرا غيره أبلغ منه.
وأما الحسن بتأليف الحروف المتلائمة ، فإنه مدرك بالحس ، وموجود باللفظ ، فإن الخروج من الفاء إلى اللام أعدل من الخروج من اللام إلى الهمزة ، لبعد الهمزة من اللام ، وكذلك الخروج من الصاد إلى الحاء أعدل من الخروج من الألف إلى اللام» (1).
ثم نادى أرباب العقول الصافية إلى التأمل في حكمة القصاص ، من استبقاء
Bogga 294