162
فمروا علَى حادثات الزما ... نِ كمرّ الدراهم بالناقدينا وما زال ذلك دأب الزما ... نِ حتَّى أماتهمُ أجمعينا وحتَّى بكى لي حُسَّادهُمْ ... وقد أقرحوا بالدموع الجفونا وحسبُك من حادث بامرئ ... ترى حاسديه له راحمينا فمن كان يُسليه مرُّ السنين ... فحزني تجدّده لي السنونا وقال محمد بن حسّان الضَّبِّيّ: هيئْ لأحمدَ في الثرى بيتُ ... وخلا لهُ من أهلهِ بيتُ وكأن مولده ويوم وفاته ... صوتٌ دعا فأجابه صوتُ ومات ابن لأرطاة بن سُهيَّة من غطفان، فأقام على قبره حولًا يأتيه كلَّ غداة فيقول: يا عمرو إنْ أقمتُ حتَّى أصبح هل أنت غادٍ معي. وينصرف، فلما كان عند رأس الحول انصرف عن قبره وأنشأ يقول: وقفتُ علَى قبر ابن ليلَى ولم يكُنْ ... وقوفي عليه غير مبكًى ومجزع هل أنت ابن ليلَى إن نظرتُك ليلةً ... من القوم أو غادٍ غداة غدٍ معي وذكروا أن خالد بن الوليد قتل رجلًا من بني عُذرة يقال له فطن بن شريع، فأقبلت أمه فقالت: ألا تلك المسرَّةُ لا تدومُ ... ولا يبقى علَى الدَّهر النعيمُ ولا يبقى علَى الحدثانِ عَقْرٌ ... بشاهقةٍ لها أمُّ رؤومُ وقالت أيضًا: يا جامعًا جامعَ الأحشاء والكبدِ ... يا ليتَ أمَّكَ لم تولد ولم تَلدِ ثمَّ انكبت عليه وشهقت وماتت. وقالت امرأة ترثي ابنها: لا يبعد الله فتيانًا رزئتهم ... بانوا لوقتِ مناياهم وقد بعدوا أمست قبورُهمُ شتَّى وتجمعُهمْ ... حوض المنايا ولم يجْمعهم بلدُ ميتٌ بمصرَ وميت بالعراق ... وميتٌ بالحجاز منايا بينهم بدَدُ دُعوا من المجد أحيانًا إلى أجلٍ ... حتَّى إذا أكملتْ أطمارُهمْ وردوا كانت لهم هممٌ فرّقْنَ بينهم ... إذا القعاديد عن أمثالهم قعدوا بذل الجميل وتفريج الجليل ... وإعطاءَ الجزيل إذا لم يُعْطه أحدُ وقال آخر: لقد شمتَ الأعداء بي وتنكّرتْ ... عيونٌ أراها بعدَ هُلك أبي عمرو تجرّى عليَّ الدَّهر لمّا فقدتهُ ... ولو كان حيًّا لاجترأتُ علَى الدَّهرِ أسكّان بطنِ الأرض لو يُقبلُ الفدا ... فدينا وأعطينا بكم ساكنَ الظّهرِ وقاسمني دهري بنيَّ بحُكمه ... فلما ترقّى شطرُهُ مالَ في شطري فأضحوا ديونًا للمنايا ومن يكُنْ ... عليه لها دينٌ قضاه إلى العُسرِ كأنهمُ لم يعرف الدَّهر غيرهم ... فثكلٌ علَى ثكلٍ وقبرٌ جدا قبرِ وكنتُ به أُكنى فأصبحتُ كلَّما ... كنيتُ به فاضَتْ دموعي علَى نحري ألا ليتَ أمي لم تلدني وليتني ... سبقتُكَ إذْ كنا إلى غاية نجري وقال بعض الشعراء يرثي ابنًا له مفقودًا: فلو صارفونا النَّاس قبلي بينهم ... أُتيحَ له موتٌ فأضْمَرهُ قبرُ إذن لصبرتُ النَّفس ثمَّ احتسبتهُ ... وفي الصبر لله المثوبة والأجْرُ ولكنْ طوَتْ عنّي المقادير علمه ... فما لي به منذ انثنى شخصه خبرُ أموتٌ فيُسلى أم حياةٌ فترتجى ... أبرُّ أتى من دون مثواه أوْ بحرُ فرحمتك اللهم قد بلغ الأسى ... نهاية مجهودي فقد غلب الصبرُ وقال الفضل بن العباس الكاتب: نفسي فداءُ فقيد خفَّف المؤنا ... طول الحياة وعند الطَّعن إذْ طَعَنا فما حمينا له زادًا يزوّدهُ ... ولا كفلنا له نعشًا ولا كفنا مضى علَى وجهه لا عن مُراغمةٍ ... تشجيه منا وإلاَّ استدعت له الإحنا قد كنتَ تذكرُ أن الأمرَ مُقتربٌ ... في سفرةٍ لم تزلْ منها تُحذرُنا فليت شعري أمقتولًا ثويتَ بها ... أوْ في عراض الرَّدَى أمسيت مُرْتهنا يقربنّكَ لأم الأرض أكِلة ... لم يبق فيه لنا روحًا ولا بدنا أودى الزَّمان بعباسٍ وخلَّفني ... من بعده كمدًا حيرانَ مُرتهنا كأنني والهٌ اغتيل واحدُها ... فليس تألفُ من ثُكل به وطنا فإن تضمّنهُ ربي إليه فما ... أُحصي السوالف من نعماه والمننا وفي نحو ذلك وهو من نفس الكلام: ليتَ شعري ضلَّةً ... أيُّ شيءٍ قتلكْ أعدوُّ لم تخف ... هـ أم رصيدٌ ختلكْ

1 / 162