256

Zad Masir

زاد المسير

Tifaftire

عبد الرزاق المهدي

Daabacaha

دار الكتاب العربي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

أنهم المؤمنون، روي عن ابن مسعود، والحسن. والثاني: الكفار، فيكون معطوفًا على الذي قبله، وهو يخرج على قول ابن عباس الذي ذكرناه آنفًا. والثالث: أنهم اليهود، ذكره الفراء، وابن الأنباري، وابن جرير. فإن قيل: لم قال قَدْ كانَ لَكُمْ ولم يقل قد كانت لكم: فالجواب من وجهين: أحدهما: أَن ما ليس بمؤنث حقيقي، يجوز تذكيره. والثاني: أنه ردّ المعنى إلى البيان، فمعناه: قد كان لكم بيان فذهب إلى المعنى، وترك اللفظ، وأنشدوا:
إنّ امرأ غره منكنَّ واحدةٌ ... بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور
وقد سبق معنى «الآية»، و«الفئة» وكل مشكل تركت شرحه، فإنك تجده فيما سبق، والمراد بالفئتين: النبيّ ﷺ وأصحابه، ومشركو قريش يوم بدر. قاله قتادة والجماعة.
وفي قوله تعالى: يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ قولان: أحدهما: يرونهم ثلاثة أمثالهم قاله الفراء، واحتج بأنك إذا قلت: عندي ألف دينار، وأحتاج إلى مثليه، فانك تحتاج إلى ثلاثة آلاف. والثاني: أن معناه يرونهم ومثلهم، قال الزجاج: وهو الصحيح.
قوله تعالى: رَأْيَ الْعَيْنِ أي: في رأي العين. قال ابن جرير: جاء هذا على مصدر رأيته، يقال: رأيته رأيًا، ورؤية. واختلفوا في الفئة الرائية على ثلاثة أقوال: هي التي ذكرناها في قوله تعالى:
قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فان قلنا: إن الفئة الرائية المسلمون، فوجهه أن المشركين كانوا يضعفون على عدد المسلمين، فرأوهم على ما هم عليه، ثم نصرهم الله، وكذلك إن قلنا: إنهم اليهود. وإن قلنا:
إنهم المشركون، فتكثير المسلمين في أعينهم من أسباب النصر. وقد قرأ نافع: «ترونهم» بالتاء. قال ابن الأنباري: ذهب إلى أن الخطاب لليهود. قال الفراء: ويجوز لمن قرأ «يرونهم» بالياء أن يجعل الفعل لليهود، وإن كان قد خاطبهم في قوله تعالى: قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ لأن العرب ترجع من الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى الخطاب. وقد شرحنا هذا في «الفاتحة» وغيرها. فإن قيل: كيف يقال: إن المشركين استكثروا المسلمين، وإن المسلمين استكثروا المشركين، وقد بين قوله تعالى: وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ «١» أن الفئتين تساوتا في استقلال إحداهما للأخرى؟ فالجواب: أنهم استكثروهم في حال، واستقلوهم في حال، فإن قلنا: إن الفئة الرائية المسلمون، فإنهم رأوا عدد المشركين عند بداية القتال على ما هم عليه، ثم قلل الله المشركين في أعينهم حتى اجترءوا عليهم، فنصرهم الله بذلك السبب. قال ابن مسعود: نظرنا إلى المشركين فرأيناهم يضعفون علينا، ثم نظرنا إليهم، فما رأيناهم يزيدون علينا رجلًا واحدًا. وقال في رواية اخرى: لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي: تراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة، فأسرنا منهم رجلًا فقلت:
كم كنتم؟ قال: ألفًا. وإن قلنا: إن الفئة الرائية المشركون فإنهم استقلوا المسلمين في حال، فاجترؤوا عليهم، واستكثروهم في حال، فكان ذلك سبب خذلانهم، وقد نقل أن المشركين لما أسروا يومئذ، قالوا للمسلمين: كم كنتم؟ قالوا: كنا ثلاثمائة وثلاثة عشر. قالوا: ما كنا نراكم إلا تضعفون علينا.
قوله تعالى: وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ، أي: يقوي، إِنَّ فِي ذلِكَ في الإشارة قولان: أحدهما: أنها

(١) الأنفال: ٤٤.

1 / 263