213

Zad Masir

زاد المسير

Baare

عبد الرزاق المهدي

Daabacaha

دار الكتاب العربي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

أقمنا كما أقام هؤلاء لهلكنا وقال الفقراء: لو ظعنا كما ظعن هؤلاء سلمنا، فأجمع رأيهم في بعض السنين على أن يظعنوا جميعًا، فظعنوا فماتوا، وصاروا عظامًا تبرق، فكنسهم أهل البيوت والطرق عن بيوتهم وطرقهم، فمر بهم نبي من الأنبياء، فقال: يا رب لو شئت أحييتهم، فعبدوك، وولدوا أولادًا يعبدونك ويعمرون بلادك. قال: أو أحب إليك أن أفعل؟ قال: نعم. فقيل له: تكلم بكذا وكذا، فتكلم به، فنظر إلى العظام تخرج من عند العظام التي ليست منها إلى التي هي منها ثم قيل له: تكلم بكذا وكذا فتكلم به فنظر إلى العظام تكسى لحمًا وعصبًا، ثم قيل له: تكلم بكذا وكذا، فنظر فاذا هم قعود يسبحون الله ويقدسونه. وأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية. وهذا الحديث يدل على بعد المدة التي مكثوا فيها أمواتًا. وفي بعض الأحاديث: أنهم بقوا أمواتًا سبعة أيام، وقيل: ثمانية أيام. وفي النبي الذي دعا لهم قولان: أحدهما: أنه حزقيل. والثاني: أنه شمعون. فإن قيل كيف أُميت هؤلاء مرتين في الدنيا، وقد قال الله تعالى: إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى «١»، فالجواب أن موتهم بالعقوبة لم يفن أعمارهم، فكان كقوله تعالى: وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها «٢»، وقيل: كان إحياؤهم آية من آيات نبيهم، وآيات الأنبياء نوادر لا يقاس عليها، فيكون تقدير قوله تعالى: إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى التي ليست من آيات الأنبياء، ولا لأمر نادر. وفي هذه القصة احتجاج على اليهود إذ أخبرهم النبيّ ﷺ بأمر لم يشاهدوه، وهم يعلمون صحته واحتجاج على المنكرين للبعث، فدلهم عليه بإحياء الموتى في الدنيا، ذكر ذلك جميعه ابن الأنباري. قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ، نبّه ﷿ بذكر فضله على هؤلاء على فضله على سائر خلقه مع قلّة شكرهم. [سورة البقرة (٢): آية ٢٤٤] وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) قوله تعالى: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ في المخاطَبين بهذا قولان: أحدهما: أنهم الذين أماتهم الله، ثم أحياهم، قاله الضحّاك. والثاني: أنه خطاب لأمّة محمد ﷺ، فمعناه: لا تهربوا من الموت كما هرب هؤلاء، فما ينفعكم الهرب وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لأقوالكم عَلِيمٌ بما تنطوي عليه ضمائركم. [سورة البقرة (٢): آية ٢٤٥] مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥) قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ، قال الزجاج: أصل القرض ما يعطيه الرجل أو يفعله ليجازى عليه، وأصله في اللغة القطع، ومنه أخذ المقراض. فمعنى أقرضته: قطعت له قطعة يجازيني عليها. فإن قيل: فما وجه تسمية الصدقة قرضًا؟ فالجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: أن القرض يبدل بالجزاء. والثاني: لأنه يتأخر قضاؤه إلى يوم القيامة. والثالث: لتأكيد استحقاق الثواب به، إذ لا يكون قرض إلا والعوض مستحق به. فأما اليهود فإنهم جهلوا هذا، فقالوا: أيستقرض الله منا؟ وأما المسلمون فوثقوا بوعد الله، وبادروا إلى معاملته. قال ابن مسعود:

(١) الدخان: ٥٦. (٢) الزمر: ٤٢.

1 / 220