Zad Masir
زاد المسير
Baare
عبد الرزاق المهدي
Daabacaha
دار الكتاب العربي
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٢ هـ
Goobta Daabacaadda
بيروت
ورد هذا المعنى في حديث مرفوع: «قالت زينب: سمعت أمي أم سلمة تقول جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عيناها فنكحّلها؟ فقال رسول الله ﷺ: «لا» مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يقول: «لا إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول» . أخرجه البخاري ٥٣٣٤ ومسلم ١٤٨٦ وأبو داود ٢٢٩٩ والترمذي ١١٩٥ و١١٩٦ و١١٩٧ والنسائي ٦/ ٢٠١ والشافعي ٢/ ٦١ والبيهقي ٧/ ٤٣٧ وعبد الرزاق ١٢١٣٠. _________ (١) قال الطبري في تفسيره ٢/ ٥٩٣ وقرأ آخرون: «وصيّة لأزواجهم» برفع «الوصية» ثم اختلف أهل العربية في وجه رفع «الوصية» فقال بعضهم: رفعت بمعنى: كتبت عليهم الوصية واعتل في ذلك بأنها كذلك في قراءة عبد الله فتأويل الكلام على ما قاله هذا القائل: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا، كتبت عليهم وصية لأزواجهم- ثم ترك ذكر «كتبت» ورفعت «الوصية» بذلك المعنى، وإن كان متروكا ذكره. وقال آخرون منهم: بل «الوصية» مرفوعة بقوله لِأَزْواجِهِمْ فتأوّل: لأزواجهم وصية. والقول الأول أولى بالصواب في ذلك وهو أن تكون «الوصية» إذا رفعت مرفوعة بمعنى: كتب عليكم وصية لأزواجكم. لأن العرب تضمر النكرات مرافعها قبلها إذا أضمرت، فإذا أظهرت بدأت به قبلها، فتقول: جاءني رجل اليوم»، وإذا قالوا: «رجل جاءني اليوم» لم يكادوا يقولونه إلّا والرجل حاضر يشيرون إليه ب «هذا» أو غائب قد علم المخبر عنه خبره، أو كحذف «هذا» وإضماره وإن حذفوه لمعرفة السامع بمعنى المتكلم، كما قال الله تعالى ذكره سُورَةٌ أَنْزَلْناها [النور: ١] وبَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة: ١] فكذلك ذلك في قوله: «وصية لأزواجهم» . قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا قراءة من قرأه رفعا، لدلالة ظاهر القرآن على أن مقام المتوفى عنها زوجها في بيت زوجها المتوفّى حولا كاملا، كان حقّا لها قبل نزول قوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة: ٢٣٤] وقبل نزول آية الميراث، ولتظاهر الأخبار عن رسول الله ﷺ بنحو الذي دل عليه الظاهر من ذلك، أوصى لهنّ أزواجهنّ بذلك قبل وفاتهن، أو لم يوصوا لهن به. فإن قال قائل: وما الدلالة على ذلك؟ قيل: لمّا قال الله تعالى ذكره وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجًا وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ وكان الموصي لا شك، إنما يوصي في حياته بما يأمر بإنفاذه بعد وفاته، وكان محالا أن يوصي بعد وفاته وكان تعالى ذكره إنما جعل لامرأة الميت سكن الحول بعد وفاته، علمنا أنه حقّ لها وجب في ماله بغير وصية منه لها، إذ كان الميت مستحيلا أن تكون منه وصية بعد وفاته. ولو كان معنى الكلام على ما تأوله من قال: «فليوص وصية»، لكان التنزيل: والذين تحضرهم الوفاة ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم، كما قال: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ [البقرة: ١٨٠] . وبعد، فلو كان ذلك واجبا لهن بوصية من أزواجهن المتوفين، لم يكن ذلك حقا لهن إذا لم يوص أزواجهن لهن به قبل وفاتهم ولكان قد كان لورثتهم إخراجهنّ قبل الحول، وقد قال الله تعالى ذكره: غَيْرَ إِخْراجٍ ولكن الأمر في ذلك بخلاف ما ظنه في تأويله قارئه: وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ بمعنى: أنّ الله تعالى كان أمر أزواجهن بالوصية لهنّ. وإنما تأويل ذلك: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا، كتب الله لأزواجهم عليكم وصية منه لهن أيها المؤمنون- أن لا تخرجوهن من منازل أزواجهن حولا كما قال تعالى ذكره في «سورة النساء» غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ [النساء: ١٢] ثم ترك ذكر «كتب الله» اكتفاء بدلالة الكلام عليه، ورفعت «الوصية» بالمعنى الذي قلنا قبل. فإن قال قائل: فهل يجوز نصب الْوَصِيَّةُ على الحال، بمعنى: موصّين لهنّ وصية؟ قيل: لا، لأن ذلك إنما كان يكون جائزا لو تقدم «الوصية» من الكلام ما يصلح أن تكون الوصية خارجة منه فأما ولم يتقدمه ما يحسن أن تكون منصوبة بخروجها منها فغير جائز نصبها بذلك المعنى.
1 / 218