134

Zad Masir

زاد المسير

Baare

عبد الرزاق المهدي

Daabacaha

دار الكتاب العربي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

قبلنا صوم رمضان بعينه. قال ابن عباس: فقدم النصارى يومًا ثم يومًا، وأخَّروا يومًا، ثم قالوا: نقدم عشرًا ونؤخر عشرًا. وقال السدي عن أشياخه: اشتد على النصارى صوم رمضان، فجعل يتقلب عليهم في الشتاء والصيف، فلمّا رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صيامًا في الفصل بين الشتاء والصيف، وقالوا: نزيد عشرين يومًا نكفر بها ما صنعنا، فعلى هذا تكون الآية محكمة غير منسوخة. قوله تعالى: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، لأن الصيام وصلة إلى التقى، إذ هو يكف النفس عن كثير مما تتطلع إليه من المعاصي، وقيل: لعلّكم تتّقون محظورات الصّوم. [سورة البقرة (٢): آية ١٨٤] أَيَّامًا مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤) قوله تعالى: أَيَّامًا مَعْدُوداتٍ، قال الزجاج: نصب «أيامًا» على الظرف، كأنه قال: كتب عليكم الصيام في هذه الأيام. والعامل فيه «الصيام»، كأنَّ المعنى: كتب عليكم أن تصوموا أيامًا معدودات. وفي هذه الأيام ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ثلاثة أيام من كل شهر. والثاني: أنها ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عاشوراء. والثالث: أنها شهر رمضان، وهو الأصح، وتكون الآية محكمة في هذا القول، وفي القولين قبله تكون منسوخة. فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ، فيه إضمار: فأفطر. فصل: وليس المرض والسفر على الإطلاق، فان المريض إذا لم يضر به الصوم لم يجز له الإفطار، وإنما الرخصة موقوفة على زيادة المرض بالصوم. واتفق العلماء أن السفر مقدر، واختلفوا في تقديره، فقال أحمد، ومالك، والشافعي: أقله مسيرة ستة عشر فرسخًا: يومان، وقال أبو حنيفة وأصحابه: أقله مسيرة ثلاثة أيام، مسيرة أربعة وعشرين فرسخًا. وقال الأوزاعي: أقله مرحلة يوم، مسيرة ثمانية فراسخ. وقيل: إن السفر مشتق من السفر الذي هو الكشف، يقال: سفرت المرأة عن وجهها، وأسفر الصبح: إذا أضاء، فسمي الخروج إلى المكان البعيد: سفرًا، لأنه يكشف عن أخلاق المسافر «١» .

(١) قال القرطبي ﵀ ٢/ ٢٧٣: اختلف العلماء في السفر الذي يجوز فيه الفطر والقصر، بعد إجماعهم على سفر الطاعة كالحج والجهاد. ويتصل بهذين سفر صلة الرحم وطلب المعاش الضروري. أما سفر التجارات والمباحات فمختلف فيه بالمنع والإجازة والقول بالجواز أرجح. وأما سفر العاصي فيختلف فيه بالجواز والمنع، والقول بالمنع أرجح، قاله ابن عطية. ومسافة الفطر عند مالك حيث تقصر الصلاة. واختلف العلماء في قدر ذلك فقال مالك: يوم وليلة، ثم رجع فقال: ثمانية وأربعون ميلا وقال ابن خويز منداد: وهو ظاهر مذهبه وقال مرّة: اثنان وأربعون ميلا وقال مرة: ستة وثلاثون ميلا وقال مرّة: مسيرة يوم وليلة، وروي عنه يومان وهو قول الشافعي. وفصّل مرة بين البر والبحر فقال في البحر مسيرة يوم وليلة، وفي البر ثمانية وأربعون ميلا. وفي المذهب ثلاثون ميلا. وفي غير المذهب ثلاثة أميال. وقال ابن عمرو وابن عباس والثوري: الفطر في سفر ثلاثة أيام. - واختلف العلماء في الأفضل من الفطر أو الصوم في السفر فقال مالك والشافعي في بعض ما روي عنهما: الصوم أفضل لمن قوي عليه. وجلّ مذهب مالك التخيير وكذلك مذهب الشافعي. قال الشافعي ومن اتبعه: هو مخيّر، ولم يفصّل وكذلك ابن عليّه لحديث أنس قال: سافرنا مع النبي ﷺ في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، خرّجه مالك والبخاري ومسلم. وروي عن عثمان بن أبي العاص الثقفي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. وروي عن ابن عمر وابن عباس: الرخصة أفضل، وقال به سعيد بن المسيب والشعبي وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة والأوزاعي وأحمد وإسحاق. كل هؤلاء يقولون الفطر أفضل لقوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ.

1 / 141