أحدهما: أنه يلزمهم من ذلك حدوث الصورة؛ لأن حلولها إذا كان بالفاعل كانت بالفاعل؛ لأن القادر لا يقدر على أن يجعل الذات على صفة إلا بشرط أن يكون قادرا على اتخاذ ذلك الذات، وخاصة الحلول، فإنه كيفية في الوجود فلا ينفصل عنه.
الوجه الثاني: أن في ذلك إقرار بالفاعل، وهذا الذي يرتبه في إثبات الصانع المختار وإنما أرادو أن ما ذكروا التوصل إلى قديم العالم ونفي الصانع المختار وإن كان لعلة قديمة أو معدومة وجب أن تخل فيما لم يزل أيضا، فيكون متحيز أزلا وأبدا لحصول العلة القديمة، والمعدومة في الأزل وإن كانت محدثة فتلك العلة المحدثة لا توجب له التحييز إلا بأن يخله ولا يخل حتى يكون متحيزا فيقف كل واحد منهما على صاحبه وذلك محال، فبطل قولهم، والحمد لله وحده.
وأما الدعوى الرابعة: وهو أن مالم يخل من المحدث ولم يتقدمه فهو محدث مثله فاعلم أولا أن العلماء [94ب] قد اختلفوا في تسمية هذه دعوى، وفي جعلها رابعة فذكر في (شرح الأصول) لأبي علي بن جلاد عن الشيخ أبي رشيد أنه لا احتياج أن نتكلم في أن الجسم إذا لم يخل من الأعراض المحدثة ولم يتقدمها كان حكمه في الحدوث حكمها، ولا يستدل على ذلك، بل العلم به ضروري، وسواء فرضنا الكلام في ذاتين معينتين أو في حوادث كثيرة يسما قبل شيء.
قال: ويجب أن تبنى الدلالة على ثلاث دعاوي فقط: إثبات الأعراض، وإثبات حدوثها، وأن الجسم لم يخل منه، ويحصل عند العلم بهذه الثلاث العلم بحدوث الجسم، وأن حكمها في الحدوث ولم يجعل الرابعة من جملة أصول الدلالة.
قال: وقد خالف أبو رشيد في ذلك سائر الشيوخ، فإنهم ذهبوا إلى أنها دعوى واستدلوا عليها بأدلة.
Bogga 189