وكان الوزير أبو العباس قليل البضاعة في الصناعة، لم يغن «2» بها في سالف الأيام، ولم يرض بنانه بخدمة الأقلام، فانتقلت المخاطبات «3» مدة أيامه [من العربية] «4» إلى الفارسية، حتى كسدت سوق البيان، وبارت بضاعة الإجادة والإحسان، واستوت درجات العجزة والكفاة، والتقى الفاضل والمفضول على خطي الموازاة. فلما سعدت الوزارة بالشيخ الجليل [أبي القاسم] «5» أسعد الله به «8» جدود الأفاضل، وورد بمكانه خدود الفضائل، ورفع ألوية الكتاب، وعمر أفنية الآداب، فجزم على أوشحة «9» ديوانه أن يتنكبوا «10» الفارسية إلا عن ضرورة من جهل من يكتب إليه، وعجزه عن فهم ما يتعرب به عليه، وطارت توقيعاته في البلاد [بالعربية] «11» ولا شوارد الأمثال، وأبيات المعاني من القصائد الطوال، ففي كل ناد نداء بألحانها، وفي كل مشهد شهادة باستحسانها «12». فأما الشعر فقد نشر عليه [197 ب] ملحوده «1»، وسعد به جدوده، وفتق بالعذب الرواء صيخوده «2»، فأربابه كالعنادل «3» تغريدا بمناقبه، والقماري تسجيعا على الضرب «4» الماذي «5» من ضرائبه، وهو بعد له في الناس غياث ورحمة، وبفضله لأهل الفضل ثمال «6» وعصمة. وانفرد بتدبير البلاد والعباد بناء على الأساس، وحلبا على الإبساس، وإخافة على «7» الإيمان، ومكافأة بالإساءة والإحسان. وأسوا لجراح القلوب بمراهم الترغيب، وإنكارا بمعروف العمارة سابق التخريب، واشارة على السلطان في أمور مملكته بما يفيده عاجل التوفير، وآجل الثواب الغزير، لا جرم أنه استتبت الأمور بغنائه «8»، وانسدت الثغور على آرائه، وكذلك من كان على العلم إيراده وإصداره، وعلى البصيرة إرجاؤه وبداره.
ذكر قابوس بن وشمكير الأمير شمس المعالي «9» [وما ختم به أجله]
«10» وتنصيب «11» ولده الأمير فلك المعالي أبي منصور منوچهر منصبه ووراثته مملكته [واتشاج الوصلة بينه وبين السلطان يمين الدولة وأمين الملة] «12»
Bogga 363