340

وقضى الله بأن يكون ما يليه حتى يعترف خراسان «1» بأنه عذيقه المرجب «2» وجذيله المحكك «3»، يتتبع ما يفسده الغير بالاستصلاح، ويستدرك ما أحرضته أيدي الاجتياح، ويداوي كل حال بدوائه، ويرد غائر الماء إلى لحائه، فأجرى الوزير أبو العباس الأمور مجاريها «4» على جملة لم يعرف فيها غير الجباية والاستدرار، وقصد التوفير دون الاستعمار «5»، حتى جبى مالا عظيما، سنين عدة. إذ كانت خراسان بعد مكسوعة بأغبارها «6»، لم تنتزف منها دواعي اللبن، ولم ينتزع عنها كواسي السمن. فلما احتلبها انتزافا، واستنفد ما في ضرعها إسرافا، ومن قبل ما قد حال بينها وبين خصب المراتع، وبرد الموارد والمشارع، وضعت «7» له ما على ظهورها من فضول دسم، وسمحت بما وراء عظامها من نقي مقتسم، حتى صارت من فرط الهزال والعجف، كالأهلة المحنية، بل الأخلة «8» المبرية.

Bogga 354