339

ذكر الوزير أبي العباس الفضل بن أحمد وما انتهت إليه حاله إلى

أن مضى لسبيله

قد كان الوزير أبو العباس الفضل بن أحمد من خاصة فائق الملقب بعميد الدولة ومن كفاة بابه، وثقات أصحابه. وكان على البريد [192 أ] بمرو أيام سالارية السلطان بنيسابور، فنمي إلى «1» ناصر الدين سبكتكين خبر قوته وأمانته، فكتب إلى الرضا يستوهبه لوزارة السلطان، وكفاية أعماله، وتدبير «2» أمور أمواله ورجاله «3»، فأوجب إجابته إلى ملتمسه، وخوطب بالبدار إلى نيسابور على مقتضى مثاله، فاعتمده السلطان للوزارة، واستكفاه مهمات الإمارة، بعد أن كان يرى مقام الشيخ الجليل شمس الكفاة «4» أبي القاسم أحمد بن الحسن في الكفاية كتابة وحسابة، وأصالة وإصابة، وهداية ودراية، وحماية وجباية، إذ لم يكن على طراءة «5» شبابه بين لداته «6» أغنى منه غناء، وأمضى مضاء، وأذكى ذكاء «7»، وأدهى دهاء، غير أن الأمير سبكتكين جنى عليه في أبيه عند اعتماده لوزارة بست وتدبير أعمالها وأموالها جناية سبق السيف فيها العذل، إصغاء منه إلى عداته فيما شققوه فيه من رفيعة، ولفقوه عليه من سعاية ووقيعة، فاستوحش منه استيحاشا من بادرة فعله. والمسى ء نفور، والقلوب عن ذوي الإساءة صور «8». وكره السلطان الاستبداد على أبيه في انتصابه حسب ارتضائه و[192 ب] استكفائه وفق المخبور من وفائه، طاعة له في اختياره، واتباعا لفلك رأيه تحت مداره.

Bogga 353