334

وأقبل السلطان على استئناف «4» العدة والعتاد، واستكمال الميرة والأزواد، واستدعاء «5» أعيان الغزاة من أطراف البلاد، حتى إذا تمت العدة والعديد، وباهى العقد بأخواته الفريد، وتضام الناس كقزع «6» الخريف من كل وجه منشورا، وعن كل أوب محثوثا ومحشورا، وأقبل الربيع بطيب المقيل، واعتدال برد الغداة والأصيل، استخار الله في الرحيل ، وسار كالبحر الأخضر تضربه الأعاصير، والأمر الحتم تجنبه المقادير. فغدت وحوش الأرض مأسورة، وطيور الجو مقهورة، ولو أحست الأرض لرنت من ثقل الحديد، والمشي الوئيد. وحث الأبطال فوق القب القياديد «7»، وساق أمامه أدلة «8» يهتدون «9» أعماق تلك البلاد، ولا الشمس عليها طالعة، ولا النجوم بينها «1» مستقيمة وراجعة. وحث الركائب شهرين بين أنهار عميقة الأغوار، بعيدة ما بين الأقطار، وبواد تضل في أرجائها أسراب اليعافير، وتحار في دهنائها «2» أفواج العصافير، حتى إذا قارب المقصد [188 ب] عبأ الخيول كتائب، وميزها عصائب، ورتبها كواكب، وقسمها مناسر ومقانب. ونصب أخاه الأمير نصر بن ناصر الدين في الميمنة في كماة القواد، وحماة الأفراد. وأرسلان الجاذب في الميسرة في البهم الذكور، والبزل الفحول. وجعل أبا عبد الله محمد بن إبراهيم الطائي على المقدمة في مساعير العرب، أحلاس الظهور، وأبناء الصوارم الذكور. ورتب في القلب الحاجب التونتاش وسائر خواصه وغلمان داره، رجال إذا اصطفوا فالجبال الشواهق، أو زحفوا فالسيول الدوافق. ونذر بهم عدو الله ملك الهند، ففزع من فاجى ء الفزع إلى من حوله من تكاكرته «3»، وأعيان جيوشه وناصرته، ولجأ إلى شعب جبل لحج «4» المدخل، خشن المتوغل، صعب المرتقى والمتوقل، مستعصما بالاحتجاز عن البراز، وبالاحتراس من وقع البأس. وسد مفغر الجبلين بفيلة له يراها الراؤون هضابا نابتة، وجبالا ثابتة. وبث النفير في أطراف «5» مملكته يستنهض من يحمل حجرا، فضلا عمن يلقم القوس وترا، أو يحسن بالسيف أثرا. ومد في طول المطاولة كي يلقى [عسكر السلطان] «6» بقوة وافية، وعدة متوافية، أو يلجى ء أولياء الله إلى الإخلال من فرط الملال، أو النفور من ضيق الصدور، ولم يعلم أن الله [189 أ] من وراء المؤمنين، وأن الله موهن كيد الكافرين «7».

Bogga 347