290

وقد كان ملوك الهند وأعيان أهلها [وجماعات النساك من ذوي الأملاك بها] «10» يدخرونها مخزنة للصنم الأعظم، فينقلون إليها قرنا بعد قرن من أنواع الذخائر وأعلاق الجواهر، ما تخف أوزانه وتثقل عند السوم قيمه وأثمانه، عبادة- بزعمهم- لما يفيدهم الحسنى، ويقربهم إلى الله زلفى. فصادف السلطان منها تمرة «1» الغراب، وزبدة الأحقاب، ما لا تقله ظهور الأجمال «2»، ولا تسعه أوعية الأحمال، ولا تنسخه أيدي الكتاب، ولا يدركه فكر الحساب. فحشر عليها جنوده، وضرب حواليها بنوده، وانبرى لقتال مستحفظيها بقلب جرئ، وأنف حمي، وعزم ذكي، وبطش [163 ب] قوي، ورأي بالصواب وري.

ولما رأى القوم غصص تلك الجبال بمغاوير الجنود، وتطاير النبال صعدا كشرر الوقود، استفزهم الرعب والوجل، وألوى بأحلامهم الخوف والوهل، فتخيلت أبصارهم تلك الرتوق فتوقا، وهاتيك السدود فروجا، والسكور بثوقا. وسحرتهم دولة السلطان، فهرتهم «3» كلاب الإدبار والخذلان، وأعيتهم وجوه الأمن والأمان «4» إلا من جانب الاستئمان، فتنادوا جميعا بشعار السلطان، وفتحوا باب القلعة، وجعلوا يتساقطون على «5» الأرض للأمان «6» كالعصافير أخرجتها البواشق، والغيوث جاد بها الغيوم البوارق. وفتح الله تلك القلعة على السلطان فتحا يسيرا، وأتاه من لدنه صنعا كبيرا، وأغنمه مل ء منفرج «7» النفوس من بنات المعادن والبحور، وزاينات القمم والنحور.

Bogga 300