وقد كان الأمير سبكتكين منيخا بمرو، فلما بلغه إيقاع خوارزمشاه بأبي علي، عدل إلى بلخ فغني بها على جملته في الطاعة، وارتياد مصلحة الكافة، إلى أن ورد أبو علي بخارى، وأوعز في بابه بما تقدم ذكره. وطلع أثناء ذلك كتاب الرضا عليه بما يهم به أيلك من الانحدار عن «9» الأعالي، وحيازة ما في أيدي عماله من أعمال تلك النواحي، و«1» يسأله تجشم الخفوف «2» في وجهه، والعبور لكفاية شغل أمره «3»، متمما للصنيعة عنده في استحياء دولته «4»، واستبقاء ملكه وحوزته. فاستشار في ذلك وجوه نصحائه ووزرائه، فترجحت الأجوبة بين تبعيد وتقريب، وتخطئة وتصويب. فأخذته العزة بالوفاء، وهزته [69 ب] الحفيظة للنداء، فعدل عن مشورة النصحاء إلى صريمة «5» العزم والرأي، وأقبل على الاستعداد والاحتشاد، وبث كتبه إلى ولاة الأطراف وزعماء البلاد بتعجيل الورود، وتقديم الوفود. وعجل هو إلى العبور قبل تلاحق الجمهور، ومضى إلى ما بين كش ونسف، فخيم بقرية تدعى نيازي «6» إلى أن وصل إليه ولاة الجوزجان والختل والصغانيان وسائر أطراف خراسان. وورد عليه الأمير سيف الدولة من نيسابور في هيئة راقت «7» العيون، وهيبة راعت القلوب، ورجال قد ربتهم الحروب في حجورها، وأرضعتهم التجارب من شطورها «8»، فلم يسمع بمعسكر بما وراء النهر جمع من كبار الملوك وأعيان القروم وطبقات الجنود ما جمعه ذلك المناخ.
Bogga 133