63

فقال سيف: وتود لو عدت إليه؟

فقال الشيخ: أمنية جوفاء.

فقال سيف: ولكنك تتمناها؟

فقال الشيخ: لا أملك أحيانا إلا أن أرحل إليها في خيالي.

فقال سيف: بي سؤال أيها الخال الكريم، فعفوا إن كان فيه جرأة.

فقال الشيخ باسما: أجيبك قبل أن تسأل.

فقال سيف باسما: القلوب تتحدث؟

فقال الشيخ في عطف: نعم تتحدث. تسألني هل أنا بشر؟ تسألني أما عرفت الحب؟ بلى يا ولدي.

فقال سيف: أنت؟

فقال الشيخ: ومن أنا حتى لا أعرفه؟ بل ما لي لا أعرفه وهو ما تهديه الحياة لنا؟ ولو خلت الحياة منه لكانت قطعة من الملال والسأم. بل لقد ارتطمت على صخور الأيام، وانزلقت في مزالق الأهواء، وذقت أمر المرارة حينا وأحلى الحلاوة حينا، ولست أدري إن كانت هذه الشيخوخة قد أخلت صدري من ضعف البشر. نعم، فأنا كما تراني، مثل جذع نخلة تقادم عهدها كما وصفت لك نفسي، وقد تساقطت عنها سعفاتها وانثنى عودها وجفت عصارتها، ومع هذا فلست أكذبك، إن قلب الإنسان لا يفارقه ضعفه، أو إذا شئت: لا تفارقه قوته.

Bog aan la aqoon