وإتقان وفهم لأسباب الجرح والتعديل ومعرفة لألفاظها، ثم المتانة في الدين وما يدخل تحتها من ورع وتقوى وصدق وعدم غلبة الهوى والعصبية لرأي ولمذهب.
ومع إقرار الذهبي لابن عقدة بهذا كله إلا أنه لم يقبل منه ما رواه في أحمد بن الفرات الرازي، وهو بذلك يناقض ما قرره، إذ أن شرطي العلم والدين إن توفرا للجارح والمعدل يلزم منه قبول روايته في الجرح والتعديل، لأن من كان قويا في دينه لم يحرف ويبدل ويوهم، وإن سكت عن توثيق من روى تضعيفه فسكوته معتبر.
قال الذهبي: أحمد بن الفرات الرازي، الحافظ الثقة، ذكره ابن عدي فأساء فإنه ما أبدى شيئا غير أن ابن عقدة روى عن ابن خراش، وفيهما رفض وبدعة. قال:
إن ابن الفرات يكذب عمدا. وقال ابن عدي: لا أعرف له رواية منكرة. قلت: فبطل قول ابن خراش (1).
هذا وقد ظهر لنا بعد الفحص والتتبع في بطون الكتب أن لابن عقدة آراء لا تحصى في نقد الرجال، أخذها عنه أصحابه من أهل هذا الفن بالقبول والتسليم، وقد شاطروه الرأي حينا، واحتجوا واستدلوا بها حينا آخر.
وعليه فلا يعبأ بما قاله ابن عبدان (2) وقد سئل عن ابن عقدة إذا حكى حكاية عن غيره في الشيوخ في الجرح والتعديل هل يقبل قوله؟ قال: لا يقبل (3).
Bogga 53