Wafa Bi Ahwal Mustafa

Ibn al-Jawzi d. 597 AH
174

Wafa Bi Ahwal Mustafa

الوفا بأحوال المصطفى

Baare

مصطفى عبد القادر عطا

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1408هـ-1988م

Goobta Daabacaadda

بيروت / لبنان

عن كعب بن مالك قال : خرجنا في حجاج قومنا حتى قدمنا مكة ، وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق . | وكان معنا عبدالله بن عمرو بن حرام ، أبو جابر ، وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا ، فكلمناه وقلنا : يا أبا جابر ، إنك سيد من ساداتنا ، وشريف من أشرافنا ، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا . | ثم دعوناه إلى الإسلام ، وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثلم وشهد معنا العقبة ، وكان نقيبا . | فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا ، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل مستخفين تسلل القطا . | حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ، ونحن سبعون رجلا ومعهم امرأتان : نسيبة بنت كعب أم عمارة ، وأسماء بنت عمرو بن عدي . | فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس ، وهو على دين قومه يومئذ ، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له . | فلما جلس ( قال : يا معشر الخزرج ، قال : وكانت العرب إنما يسمون ) هذا الحي من الأنصار الخزرج ، أوسها وخزرجها : إن محمدا منا حيث قد علمتم ، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه ، وهو في عز من قومه ومنعة في بلده ، وقد أبى إلا الانقطاع إليكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه ، فأنتم وما تحملتم من ذلك ، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه خاذلوه فمن الآن فدعوه في عز ومنعة من قومه . | فقلنا : قد سمعنا ما قلت ، فتكلم يا رسول الله ، وخذ لنفسك وربك ما أحببت . | فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ودعا إلى الإسلام ، ثم قال : ( أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم ) . | فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال : والذي بعثك بالحق نبيا لنمنعك مما نمنع منه أزرنا . | فبايعنا يا رسول الله ، فنحن أهل الحرب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر . | فاعترض القوم أبو الهيثم بن التيهان فقال : يا رسول الله ، إن بيننا وبين الناس حبالا وإنا قاطعوها يعني : العهود فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا . | فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( بل الدم الدم ، والهدم الهدم ، أنتم مني وأنا منكم ، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم ) . | وقال : ( أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم ) . | فأخرجوا اثني عشر نقيبا ، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس . | قال ابن إسحاق : فحدثني معبد في حديثه عن أبيه كعب قال : كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم : البراء بن معرور ، ثم تتابع الناس . | فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمعته قط : يا أهل الجباجب والجباجب : المنازل هل لكم في مذمم والصباة معه قد أجمعوا على حربكم . | فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هذا أزب العقبة . أي عدو الله . أما والله لأفرغن لك ) . | ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ارجعوا إلى رحالكم ) . | فقال له العباس بن عبادة : والذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن غدا على أهل منى بأسيافنا . | فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لم أومر بذلك ) . | فرجعنا فنمنا حتى أصبحنا ، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش ، حتى جاؤونا في منازلنا ، فقالوا : يا معشر الخزرج ، إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا ، والله إنه ما من العرب أحد أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم . | قال : فانبعث من هنالك من مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه . | وقد صدقوا لم يعلموا ما كان منا . قال : فبعضنا ينظر إلى بعض .

Bogga 230