Wadi Natrun
وادي النطرون: ورهبانه وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة
Noocyada
ويوجد بدير السوريان شجرة القديس إفرم “Saint Ephrem”
العجيبة. وهي شجرة يبلغ ارتفاعها ستة أمتار ونصف متر وقطرها ثلاثة أمتار. ويحكى عنها أنه في أوائل الأزمنة التي بلغ فيها التحمس للرهبنة غايته ابتدأ يدب في نفوس رهبان الصحراء دبيب الكرة لحالتهم، وأخذوا يشكون من جدب تلك الرمال القاحلة التي لاينبت بها ولا ينمو أي نبات. فأخذ القديس إفرم لكما يبعث فيهم الأمل عصاه وغرسها في الرمال وقال لهم ستصير هذه العصا شجرة. ويقال إن هذه الأعجوبة وقعت فعلا، وإن العصا نبت لها جذور وامتدت لها أغصان، وإنها هي التي لم تزل قائمة إلى الآن من ذلك العهد ولذلك سميت شجرة القديس إفرم. وهي من أشجار التمر الهندي. ويعتقد الرهبان السوريون أنهم وحدهم المالكون لها. ويندر وجود هذا النوع من الشجر في الوجه البحري وهو يزرع بكثرة في الوجه القبلي.
والدير الرابع المسمى بدير القديس مقار ليس به سوى بئر واحدة ماؤها ملح. ولكن على قيد زهاء أربعمائة متر منها توجد بئر أخرى معتنى بصيانتها عناية عظيمة ماؤها عذب فرات. ويوجد ينبوع ماء على سفح الوادي المقابل للدير. وعمق البئر الأخيرة خمسة أمتار واتساعها متر وثلث متر مربع. وبها من الماء أقل قليلا من المتر. وللديرين المذكورين آنفا ينبوع بجوارهما مثل الينبوع السابق الذكر.
وصوامع الرهبان عبارة عن مخادع لا يدخلها النور إلا من أبوابها. وارتفاع هذه الأبواب يزيد قليلا على المتر. ورياشها بساط من الحصير وآنية الأكل وجرة. والكنائس والمصليات مزخرفة بصور ينبو عنها الذوق، والعناية بها عظيمة. وفيما عدا ذلك فان كل الأشياء مبعثرة بغير ترتيب ولا نظام. وفقر الرهبان لا يسوغ لهم قط أن يقتنوا أمتعة الزينة الفاخرة فيستعيضون عنها بالتقليد. فمثلا يعلقون عوضاعن المصابيح الفضية مصابيح من بيض النعام. ومنظر هذه المصابيح يأخذ بالأبصار.
وأغلب النساك عور أو عميان وهيئتهم تنبئ عن شكاسة الأخلاق والكآبة والكدر، ويتعيشون من بعض المحاصيل وبالأخص مما يأتيهم من الصدقات. ويقتاتون بالفول والعدس المطبوخ بالزيت ويقضون أوقاتهم في الصلاة. ويحرق البخور في تلك الخلوات المحاطة احاطة السوار بالمعصم ببحر من الرمال. والصليب يعلو القباب الأكثر ارتفاعا.
ويوجد في دير البراموس تسعة من الرهبان. وفي دير السوريين ثمانية عشر راهبا. وفي دير الأنبا بشوي اثنا عشر. وفي دير القديس مقار عشرون. ويمد بطريرك القاهرة هذه الأديرة الأربعة بطالبي الرهبنة.
واننا لا ندري ما عساه أن يكون حظ أولئك النساك الذين اختاروا العزلة عن الناس. اننا لم نلمح أي شيء يدل على اشتغالهم بالعلوم العقلية ولا بالأعمال اليدوية. وليست كتبهم إلا مخطوطات في الزهد في الدنيا مكتوبة على رق أو ورق القطن. وبعض هذه المخطوطات باللغة العربية والبعض الآخر بالقبطية وبهامشها ترجمتها باللغة العربية. ولقد استحضرنا بعضا من هذه المخطوطات الأخيرة ويظهرأن تاريخها يرجع إلى ستمائة سنة سلفت. وقد جلنا في داخلية منازل الرهبان ولم تترك بقعة إلا أجلنا فيها النظر. وأظهر هؤلاء الزهاد الشيء الكثير من الود والمجاملة أثناء هذه الزيارة. ويبدو أنهم رأوا فيها شيئا يرضي عزة نفوسهم. وقبل أن نخرج قبلنا أن نتناول خبز القربان الذي قدموه لنا. وهذا الخبز عبارة عن عجين خال من الخميرة وفي ثخانة الأصبع وهو مستدير وفي اتساع راحة اليد ومكتوب عليه حروف عربية.
ويؤدي الرهبان واجب الضيافة للأغراب قسرا، وهم مضطرون أن يلبثوا دائما أبدا محترسين، وكذلك عندما يريدون الانتقال من مثوى إلى آخر لا يذهبون إلا ليلا. ويمر الأعراب في جولانهم بالقرب من الأديرة ويلقون عصا التسيار لتناول الطعام واطفاء ظمأ خيولهم. ويلقي لهم الرهبان مطالبهم من أعلى الجدار ولا يفتحون لهم الأبواب مطلقا. وتوجد بكرة معلقة باحدى زوايا السور بها حبل وقفة ينزلون بواسطتها الخبز والخضر والشعير التي اعتادوا اعطاءها لهم. وهم مكرهون على فعل ذلك كيلا يعرضوا أنفسهم للسلب والنهب أو القتل عندما يصادفهم الأعراب خارج أديرتهم. ا.ه.
مساحة الأديرة
إن مساحة الأديرة الأربعة الحالية هي كالآتي:
Bog aan la aqoon