نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين . •••
ولقد بلغ ولوع بعض الناس بالأسلوب القصصي حدا عجيبا:
أذكر لكم - على سبيل المثال - أن مدرسا فاضلا من مدرسي العربية كان يدرس لنا - في مدرسة أم عباس الابتدائية - وكانت نتائجه أبهر النتائج وتلاميذه أقوى التلاميذ، وكان السر في ذلك؛ هو إسرافه في حب القصص، وقد بلغ به ولعه بالأسلوب القصصي حدا مدهشا جعله يشرح لنا - في قواعد اللغة - «أثر كان وأخواتها، وأثر إن وأخواتها» بأسلوب قصصي جذاب يحبب في النحو أزهد الناس في النحو.
كان يشرح لنا أثر كان وأخواتها في معموليها، وأثر إن وأخواتها كذلك فيقول المبتدأ والخبر أخوان، وهما دائما رافعا الرأس، ففي ذات يوم بينما هما جالسان في بيتهما، إذ سمعا قرعا بالباب؛ فأسرعا إلى زائرهما ففتحا له الباب ورحبا به، وأرادا أن يقدما له شيئا من الحفاوة، بعد أن سألاه عن اسمه فقال لهم «اسمي كان» فقالا له: «أهلا وسهلا بك ومرحبا، ماذا نستطيع أن نقدم لك من قرى؟» فقالت: «أريد أن أصاحبكما وأن تترك صحبتي أثرا ظاهرا تميزاني به من بين رفاقكما جميعا.»
فقالا: «وأي أثر تريدين؟»
فقالت: «أن أنصب أحدكما.»
فلا تكاد تتم قولها حتى يتقدم إليها الخبر مرحبا بشرطها هذا راضيا بحكمها.
وإنهم لكذلك إذ يسمعون قرعا عنيفا بالباب، فإذا فتحوه وجدوا طائفة من الضيفان، فيسألونهم: «من أنتم؟» فيقولون لهم: «نحن أخوات كان.»
وبعد أخذ ورد يظفرن بمثل ما ظفرت به كان.
فإذا جاء اليوم التالي جاءت «إن» زائرة، وطلبت إليهما أن يمنحاها ميزة كما منحا كان بالأمس.
Bog aan la aqoon