109
نفيسا قد ألقيت عليه أستار من الحرير المطرز بالذهب المرصع بشيء من الجوهر، فيستهويه ما يرى، ويسرع إلى العبد ورمحه يضطرب في يده، فلا يكاد العبد يراه حتى يحول إليه زمام الناقة ويسعى بها بين يديه مستسلما صاغرا ذليلا.
قال سحيم بن سهيل للعبد: لمن تكون هذه الناقة؟ ولمن يكون هذا الهودج؟
قال العبد في لهجة عربية كدرة لا تكاد تبين: إنها ابنة أخت الأمير.
قال سحيم بن سهيل لنفسه وهو يدفع العبد والناقة إلى بيته: حسبي من الغنيمة هذا العبد وهذه الناقة وما تحمل من متاع نفيس، فأما ربة الهودج فليست مني ولست منها في شيء، ولأطرفن بها سيدا من سادات قريش.
ويسعى والعبد يسعى بالناقة بين يديه، حتى إذا بلغ مضارب الحي أومأ
110
إلى العبد فأناخ الناقة، ووقف غير بعيد مطرقا إلى الأرض كأنما يلتمس فيها شيئا. ولكن سحيما يومئ إليه فينزل الهودج عن مستقره على ظهر الراحلة، ويتنحى فيقف غير بعيد مطرقا إلى الأرض كأنما يلتمس فيها شيئا، ويدنو سحيم من الهودج مترفقا، ويرفع أحد أستاره متلطفا، ثم يمد بصره في الهودج، ثم يرده إلى نفسه وقد امتلأ وجهه ابتساما وإشراقا وهو يقول: حمامة رشيقة أنيقة ورب البيت! ذلك أنه رأى فتاة رائعة الحسن على سمرة بشرتها، بارعة الجمال، فاتنة اللحظ، ليست بالطويلة ولا بالبدينة، وإنما هي ضئيلة نحيلة، قد ملأها الذعر وملكها الروع، ولكنها على ذلك جلدة
111
متماسكة، يصدها الحياء والوقار عن أن تظهر ما يملأ قلبها من جزع وهلع ومن توله والتياع،
Bog aan la aqoon