هبَّ ابنُ مسلمة للحق يَنصرُه … وللرسولِ يُريه كيفَ يَزدهِفُ (^١)
فقال: دُونكَ سعدًا إن هممتَ بها … شَاوِرْهُ فيها فِنِعمَ الحاذقُ الثقِفُ (^٢)
قَضى ثلاثةَ أيامٍ على سَغَبٍ … وللمُجَرِّبِ ذي التدبيرِ ما يَصِفُ
وجاءَ في صَحْبهِ يستأذنون على … تَقْوَى من الله ما مالوا ولا جَنَفُوا
قال الرسولُ لكمُ في القولِ مأرِبُكم … ماذا على الدار مما يُوهِمُ الصدَفُ
هيَ القلوبُ فإن طابتْ سَرائرُها … فما بأفواهِكم عَيْبٌ ولا نَطَفُ (^٣)
* * *
مَضوا فقالوا لكعبٍ: أنت مَوئلنا … أنت الحِمى المُرتجى في الأزْل والكَنَفُ (^٤)
أما ترانا جِياعًا لا طعامَ لنا … حتى لقد كادَ يَغْشَى أهلَنا التلَفُ
لم يُبقِ صاحِبُنا شيئًا نَعيشُ بهِ … فالزادُ مَنتَهبٌ والمالُ مُجتَرَفُ (^٥)
إن أنتَ أسلفتَنا ما نَستعيدُ به … رُوحَ الحياةِ فَغَيْثٌ ودْقُهُ يَكِفُ (^٦)
قال: الحلائلُ رَهْنٌ لا طعامَ لكم … إلا بهن فقالوا: مطلبٌ قُذُفُ (^٧)
(^١) ازْدَهَفَ الأمرَ: تقحم فيه، وَالْحِمْلَ: احتمله، والشيءَ: ذهب به وأهله، وللكلمة معانٍ أخرى.
(^٢) الحاذقُ والثَّقِفُ بمعنى.
(^٣) النطف: العيب والشر والفساد.
(^٤) الأزل -بسكون الزاي-: الشدة والضيق.
(^٥) اجترف: ذهب به كله أو معظمه.
(^٦) الودق: المطر. ووكف: سأل قليلًا قليلًا.
(^٧) القذف من الأمكنة والمواضع: ما يُزلُّ عنه ويُهْوَى، والشيء يبعد ويتقاذف.