Wa Muhammadah In Shaniak Hu Al-Abtar
وا محمداه إن شانئك هو الأبتر
Daabacaha
دار العفاني
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
Goobta Daabacaadda
مصر
Noocyada
إهداء
* أهدي على استحياء هذا الكتاب إلى سيدي وحبيبيى وقدوتي، سيدِ ولدِ آدم، وإمامِ المرسلين وقائد الغرَّ المحجلين رسول الله محمد ﷺ
1 / 3
وَامُحَمَّدَاهُ
﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾
1 / 5
مقدمة
1 / 6
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة
إن الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسوله.
* ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢].
* ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١].
* ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١].
أما بعد:
فإن أصدقَ الحديثِ كتاب الله، وأحسنَ الهَدي هديُ محمدٍ ﷺ، وشَرَّ الأمور محدثاتُها، وإن كلَّ محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أما بعد:
حين نريدُ أن نَشْرُفَ بالدخول إلى رحاب سيد البشر رسولِ الله ﷺ
1 / 7
وأُفُقِه الوضيء الطليق المرفرف، ونَرِفَّ بأجنحةِ الشوق والنور والطُّهْر إلى ذلك المقام الأعلى، ونتَّخذَ من ذلك مِعراجًا إلى السِّراج المنير والقلبِ المُصَفى لسيِّد الرسل وأزكى العالمين وأحبِّ الرجال وأجلِّهم وأفضلِهم وأغلاهم ﷺ .. نقتربُ في حياءِ مَن يعلمُ أنه يجاوزُ قَدْرَه .. نقتربُ في تهلُّل، ونعيشُ لحظاتٍ مُترَعةِ بغِبطةِ الحياة مع رسولِ رَفع اللهُ به قَدْرَ الإنسان والحياة .. مع السِّراج المنير .. وحاملِ النور إلى هذه البَسيطة .. الذي قال فيه ربُّه ﷿ وكلامُ الملوك ملوكُ الكلام-: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٥، ٤٦].
* نورٌ فكيف تُحيط بكُنهِهِ الظَّلْمَاءُ؟!!:
كيف أتطاولُ للحديث عن ذلك المَقام الأنور وثُقْلَةُ الطينِ في كياني، وظلمةُ التراب وكثافةُ اللحم والدم، وعَرامةُ الشهوة في دروبي وحياتي وآثامي!!! فعُذرًا يا طُهْرَ الطُهْر.
* عُذرًا رسول الله ..
كيف أرنو إلى سَنَاك وذُنوبي جسامُ؟! ..
عَزَّ الوُرُودُ وطالَ فيكَ أُوامُ … وأرِقْتُ وَحْدِي والأنامُ نيامُ
وَرَدَ الجميعُ ومِنْ سَنَاك تَزَوَّدُوا … وطُرِدْتُ عن نَبْع السَّنَا وأَقامُوا
ومُنِعْتُ حتى أنْ أَحومَ ولَم أكدْ … وتَقَطَّعَت نفسي عليك وحامُوا
قَصَدُوكَ وامتدحُوا ودُونيَ أُغْلِقَتْ … أبوابُ مَدْحِكَ فالحروفُ عِقامُ
أدْنو فأذكرُ ما جَنَيْتُ فأَنْثَنِي … خَجَلًا تَضِيقُ بحِمْلِيَ الأقَدَامُ
1 / 8
أمِنَ الحضيضِ أُريدُ لَمسًا للذُّرَى … جَل المَقامُ فلا يُطالُ مُقامُ
وِزرِي يُكبِّلُنِي ويُخْرِسُنِي الأسَى … فيموتُ فِي طَرَفِ اللسانِ كَلَامُ
يمَّمْتُ نحوكَ يا حبيبَ الله في … شوقٍ تُقِضُّ مضاجِعي الآثامُ
أرجو الوصولَ فليلُ عُمري غايةٌ … أشواكها الأوزارُ والآلامُ
يَا مَن وُلدْتَ فأشْرَقَتْ برُبوعِنَا … نفحاتُ نورِك وانجلى الإظلامُ
أأعودُ ظمآنًا وغيريَ يَرْتَوِي … أيُرَدُّ عن حوضِ النبيِّ هُيامُ؟!
كيفَ الدخولُ إلى رِحاب المصطفى … والنفْسُ حَيْرى الذنوبُ جسامُ؟!
ماذا أقولُ وألفُ ألفِ قصيدةٍ … عصماءَ قَبْلي سطَّرَتْ أَقلامُ؟!
مَدَحُوك ما بَلغوا برغْم ولائهم … أسوارَ مجْدك فالدُّنُّو لمامُ
حتى وقفتُ أمامَ نورِك باكيًا … فتدفقَ الإحَساسُ والإلهامُ
وتوالت الصُّورُ المُضيئةُ كالرُّؤَى … وطَوى الفوادَ سكينة وسَلَامُ
يا مِلءَ رَوحِي وَهْجُ حُبِّك في دمي … قَبَسٌ يُضِئُ سريرتي وزِمَامُ
أنتَ الحبيبُ وأنْتَ من أرْوَى لَنَا … حتى أضاءَ قلوبَنا الإسلامُ
حُورِبتَ لَم تَخْضَعْ ولَمْ تَخْشَ العِدَا … مَن يَحْمِه الرحمنُ كيفَ يُضَامُ؟!
وملأتَ هذا الكونَ نُورًا فاختفتْ … صورُ الظَّلامِ وقُوِّضَتْ أصنامُ
* * *
* عُذرًا رسولَ الله:
حين أريدُ الدخولَ إلى جَنابك ورحابك ومَقامك الأنور أحتاجُ إلى عُمرٍ جديد، أولُ نَفَسٍ منه حتى آخرِه ملؤه الطهارةُ كلُّ الطهارة .. ونورُ الإيمان الغامر، وجَمالُ الإحسانِ الباهر.
1 / 9
أحتاج إلى قلبٍ حيٍّ كأجمل ما تكونُ القلوب .. رقيقٍ ليِّنٍ صافٍ .. تَنبِضُ فيه كلُّ نابضةٍ بالإِشراق والتفتُّح لاستقبالِ النور الذي يُشرِق في الضمائر مع النور الذي يُشرق في النواظر.
أحتاجُ إلى كلِّ جمالٍ في الوجود يَهمِسُ لقلمي .. وقفةٌ لقلمي في الجَمَال والنور .. جمالِ كل هامس وكلِّ جاهر .. وكلِّ مُسْتَخْفٍ وكلِّ سارب .. وكلِّ نورٍ باهر يواجهُ العيون والمشاعر .. ائتوا لي بكلام من نورٍ عليه رَوْنقُ الماء، كأنما اشتَعَلت به الغيوم، كلامٍ يتلألأ بالنور، فكأنما عُصِر من النجوم.
ائتوا لي بجمالِ الجنة الباهر .. بظلِّها الممدود .. ومائِها المسكوب، بنورها، وسَجْسَجُها كلُّ تسنيمٍ وسلسبيلٍ ورحيقٍ مختوم، وأنهارِ خمرِها وعَسَلِها ولبنها ومائها ليطهرَ فيه قلمي بنور الخلد أولًا قبلَ أن يتكلم عن سيِّد الرسل ﷺ.
ائتوا لي بكلِّ جمالٍ في الكون: بنسائم الأسحار، وزَجَل المُسبِّحين آناءَ الليل وأطرافَ النهار .. وطُهرِ المستغفرين الأبرار قائِمِي الليل وصائِمِي النهار المستغفرين بالأسحار.
ائتوا بجمالِ الخِضَمِّ ومَوجِه الزَّاخر، والعيونِ الفَوَّارة، والنَّبع الرَّوِيِّ، والنّبتةِ النامية، والبُرْعم الناعم، والزهرةِ المتفتحة، وابتسامةِ الفجر الوليد، بجمال كلِّ طير سابحٍ في الفضاء، وسَمَكٍ يُسبِّحُ ويَسْبَحُ في الماء، حتى يرتعشَ القلمُ رِقةً ويستحمَّ في النور ليكتبَ عن رسول الله ﷺ.
حين أريدُ الشرف كلَّ الشرف والعِزَّ كلَّ العِز بالكتابة عن رسول الله ﷺ، أحتاجُ إلى خَطَراتٍ رفَّافةٍ شفَّافة، وأعماقٍ طاهرةٍ كلَّ الطهر،
1 / 10
تستجيشُ فيها وفي أغوارها كلُّ مشاعرِ الطهْر اللامتناهية.
أحتاجُ إلى كلِّ رُوحٍ مأنوسةٍ شفيقةٍ، أحتاجُ إلى إِيناسٍ وَدُودٍ نَدِيٍّ، وأنفاسِ مناجاةٍ دامعة .. فيها كلُّ ذبُولِ العبادة الوضيء .. وجمالِها الحبيب الهامِسِ اللطيفِ .. جمالٌ لا يدانيه جمالُ التصورات الشاعرية الطليقة.
يَحتاج قلمي لمدادٍ نيِّرٍ طاهرٍ ذاب فيه طِيبُ كلِّ طيب في الجنة قبل الدنيا .. كلُّ مِسكٍ أذفر، وكلُّ طيوب العنبر .. مِدادٌ يعلوه كلُّ بريقِ الماس واللآليء وأصفى الدُّرِّ والجواهر، عزًّا بشرفِ الكلام عن سيِّد الأوَّلين والآخرين ﷺ.
مِدادٌ ذابت فيه آهاتُ المشتاقين إلى لقاء الله ورسوله ﷺ .. وكل طُهْر وأُنسٍ وطمأنينةٍ ويقينٍ في الكون .. وكل رُوحِ فجرٍ وضيئة.
يحتاج قلمي إلى نسيمِ مِسكٍ يَهُبُّ فوق شجرة طوبى ليهتزَّ القلمُ بكل طهر وطِيبٍ وظلٍّ حتى يكتبَ ألفاظًا وعباراتٍ تليقُ بمَقام النبوة .. وتتأدَّبُ مع جلالها ..
حروفُ معانٍ أو عقودُ جواهرٍ … تُحَاكِي مصابيحَ النجوم الزواهرِ
وإبريزُ تبريزٍ من النَّظم فُتِّحَتْ … قوافيه زهْرًا في رياضِ الدَّفَاتِرِ
يروحُ بأرواحِ المحامد حُسنُها … فيَرْقَى بها في سَاميات المفاخِرِ
إذا ما هداها الفكرُ أَهدتْ لَذِي النهي … شمائلَ أَشهى من طُيَوب المَعاصِرِ
تشعشع من نورِ المعَاني عنايَةً … بها تُضرَبُ الأمثالُ بين المَعاشِرِ
وتَنظِمُ من نَثْرِ المثاني قلائدًا … تُزَخْرِف جيْدَ الجُودِ من كُل فاخِرِ
وتَنشُرُ مِن طَيِّ المُرُوعة للفتَى … مكارمَ أخَلاقٍ وحُسْنَ سَرَائِرِ
إذا سَتَروها بالحِجاب تبرَّجتْ … محاسنُ تبدو من وراءِ الستائِرِ
1 / 11
وإِنْ فُضَّ الأكون مِسْكُ ختامها … تَعَطَّر منها كل نَجْدٍ وغائِرِ
تَخَيرْتُها للهاشميِّ مُحمَّدٍ … حَميدِ المساعِي خير بادٍ وحاضِرِ
هدانا الصراطَ المستقيمَ بهَدْيهَ … وأورَى بنورِ الحقِّ نورَ البصائِرِ
أحتاج إلى نجاءٍ أليفٍ للقلب، وهَمْسٍ لطيفٍ للروح، ولَمْسٍ مُوحٍ للضمير .. ليكونَ اللفظُ في رقَّته كنسيم السَّحَر والفجر والجِنان .. ليكونَ أنداءَ مشعشعةً بالعطر، وخَطَراتٍ رفَّافةً شفافةً ذَوبَّها الشوقُ والحنين لرسول ربِّ العالمين ﷺ.
أولى أن نخطَّ هذه الأسطرَ والصفحات بنبضِ قلوبنا ولهيبِ أرواحنا، وواكفِ دموعنا، وكل أدبِ العابدين الخاشعين الأوَّابين القانتين لتسدَّ عَجْزي وضَعفي وتجبُرَ كَسرِي.
وتملؤني هيبةٌ لجلالِ النبوَّة أن أكتبَ أعمقَ وأجملَ اللمساتِ عن سيّد السادات ﷺ ..
مكانُك مِن قلبي وعيني كلاهما … مكانُ السُوَيدَا من فؤادي وأقربُ
وذِكْرُك في نفسي وإنْ شفَّها الظَّما … ألذُّ من الماء الزلالِ وأعذبُ
إي واللهِ ..
دماءٌ مزجناها بحبِّ محمدٍ … وأكبادُنا من شوقها تتوقدُ
فاللهم ارزقنا الشوقَ إلى لقياه، وشرفَ محبته والذبِّ عنه، وعن سُنَّتِه في الدنيا، وشرفَ جِواره والقربِ منه والشُّرب من حَوضه في الآخرة.
لا نؤمنُ حتى يكونَ رسولُنا ﷺ أحبَّ إلينا من أنفُسِنا وأهلينا وأموالنا والدنيا وما عليها.
1 / 12
• قال رسول الله ﷺ: "والذي نفسي بيده، لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من والده وولده" (^١).
• وقال ﷺ: "لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولده، ووالده والناسِ أجمعين" (^٢).
• وعن عمر بن الخطاب ﵁ أنه قال للنبي ﷺ: يا رسول الله، لأنت أحبُّ إليَّ من كل شيءٍ إلاَّ من نفسي، فقال النبي ﷺ: "لا والذي نفسي بيده، حتى أكونَ أحب إليك من نفسك". فقال له عمرُ: فإنه الآنَ، واللهِ لأنت أحب إليَّ من نفسي. فقال له النبي ﷺ: "الآن يا عمر" (^٣).
واللهُ يعلمُ منَّا أنا نشتري رؤيتَه بأهلنا وأموالنا .. فاللهم ارزقنا شَرَفَ محبَّته.
• عن أبي ذر ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "أشدُّ أمتي لي حُبًّا قوم يكونونَ بعدي، يودُّ أحدُهم أنه فَقَد أهلَهُ ومَالَه وأنه رآني" (^٤).
• وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ أُناسًا من أمتي يأتُون بعدي، يَوَدُّ أحدُهم لو اشترى رؤيتي بأهلِهِ ومَالِه" (^٥).
_________
(^١) رواه أحمد، والبخاري، والنسائي عن أبي هريرة.
(^٢) رواه أحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه عن أنس.
(^٣) رواه البخاري في "صحيحه" -كتاب الأيمان والنذور- باب كيف كانت يمين النبي ﷺ.
انظر "فتح الباري" (١١/ ٥٢٣) ح (٦٦٣٢).
(^٤) صحيح: رواه أحمد في "مسنده"، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" رقم (١٤١٨)، و"صحيح الجامع" (١٠٠٣).
(^٥) حسن: أخرجه الحاكم عن أبي هريرة، وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" رقم (١٦٧٦)، و"صحيح الجامع" رقم (٢٠٠٨).
1 / 13
* صغائرُ الحياة قد أحاطت بمجد الحياة، لِتُثبِتَ الصغائرُ أنها صغائر، وليُثبتَ المجدُ أنه المجد:
حين يتبجَّح الأقزام الأشقياء المناكيد من الصليبيِّين صغائرِ الحياة الدانماركيِّين ويُدنِّسون ويسَوِّدون وجهَ صُحُفِهم التعيسة برسوم الكاريكتير التي تسيء وتستهزيُّ بالرسول ﷺ سيِّدِ البشر ..
شُلَّت أياديهمُ قَبُحت وجوهُهمُ … تعسًا لكفرهم .. قومٌ مناكيدُ
يجحدون نبُوَّته، ويكفرون بنوره ورسالته، وقد قال ﷺ: "إنه ليس شيء بين السماء الأرض إلاَّ يعلمُ أني رسول الله؛ إلاَّ عاصيَ الجِنِّ والإنس" (^١).
هم أقزامٌ تعيشُ أنفسهم في التراب، ويتمرَّغون بأخلاقهم فيه، ينقلبون على الحياة من صُنْع التراب ناسًا دودًا كطبع الدود، لا يقع في شيءٍ إلاَّ أفسده أو قذَّره، أوْ قومًا سُوسًا كطبع السُّوس لا ينالُ شيئًا إلاَّ نَخَره وعابه، أوْ قومًا كالحيَّاتِ والأفاعي تَنفُث سُمَّها في أرجاء الحياة، أو خنافسَ إذا دُفِنت في الورْد لم تتحرك، فإذا أُعيدت إلى الرَّوَث رَتَعتْ .. أشدَّ بلادةً من البقر والحمير حين جحدوا نُبُوَّةَ الأمينِ الكريم سيدِ البشر ﷺ، يلقِي أعداؤه -أعداءُ الحياة أعداءُ النور- على هذا التراب من ظلام أنفسهم، فلا يبقى تُرابًا، بل يرجع ظلامًا، فكأنهم إذ يمشون يطؤون المجهول بخوفه ورَوْعَتِهِ، ثم لا يستقرُّ ظلامًا، بل يرجعُ آلامًا، فكأنهم يَنبتون على المرض لا على الحياة، ثم لا يثبت آلامًا، بل يتحوَّلُ فَوْرةً وتوثُّبًا تكونُ منه نزواتُ الحمق والجنونِ في النفس.
_________
(^١) حسن: رواه أحمد والدارمي والضياء عن جابر، وكذا رواه ابن حبان، وصحَّحه الألباني في "الصحيحة" (١٧١٨)، و"صحيح الجامع" (٢٤٠٩)، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في "المسند" (٣/ ٣١٠): "صحيح لغيره".
1 / 14
﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ فلا تصل إليها حقيقةٌ من الهدى ولا صدى، ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ فلا نورَ يُوصوِصُ لها ولا هدى .. نفوسٌ صَلْدة مظلمة جامدة.
هم الظلام كلُّ الظلام .. هم أصحابُ الظلمات، فكيف يُدرِكون نورَ سيِّد السادات ﷺ؟!! هم المنغمسون في الكفر والشِّرك والجهل، أحاطت بهمُ الظلمات من كلِّ وجه، فهم بمنزلة الأنعام بل هم أضلُّ سبيلًا، فهم في ظلمات آرائهم يعمهون، وفي ضلالتهم يتهوَّكون، وفي رَيبهم يتردَّدون، مغترين بظاهر السَّراب، مُمحِلين مُجدِبين مما بعث اللهُ به رسولَه ﷺ من الحكمة وفَصْل الخِطاب، إنْ عندهم إلاَّ نُخالةُ الأفكار وزُبالاتُ الأذهان التي قد رَضُوا بها واطمأنوا إليها، ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ [غافر: ٥٦]، أوجبه لهم اتِّباعُ الهوى ونخوةُ الشيطان، وهم لأجله يُجادلون في آيات الله بغير سلطان.
أهلُ الظلمات المناوؤون لمحمد ﷺ وشانؤوه من المغضوب عليهم والضالين من اليهود النصارى، ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ [آل عمران: ١١٨]، قولُهم ظُلْمة، وعَمَلُهم ظُلمة، ومُدخلُهم ظلمة، ومُخرَجُهم ظلمة، ومَصيرهم إلى الظُّلْمة، قلوبهم مُظلمة، وجوهُهم مُظلمة، كلامهم مُظْلِم، وحالُهم مُظلم، وإذا قابَلَتْ بصيرتُهم الخُفَّاشيةُ ما بعث اللهُ به محمدًا ﷺ من النور جَدَّ في الهرب منه، وكاد نورُه يَخطِفُ بصره، هَرَب إلى ظلماتِ الشِّرك والجُحود والعِنادِ والاستهزاء التي هي به أنسبُ وأولى، كما قيل:
خفافيشُ أعشاها النهارُ بضَوئه … ووافَقَها قِطعٌ من الليل مُظلِمُ
1 / 15
فإذا جاء زُبالةَ الأفكار، ونُحاتةَ الأذهان، جال وصال، وأبدى وأعاد، وقعقع وفرقع، فإذا طَلَع نورُ الوحي وشمسُ الرسالة، انحَجَر في حُجرةِ الحشرات.
هؤلاء الذين تنكَّبوا صراطَ الله المستقيم، واستبدلوه بطريقٍ بهيم لا معالم فيه، واندفعوا بظُلمةِ شهواتِهم وشُبهاتهم، وغيِّهم وضلالاتهم في التِّيه، وظلمةِ الحيرة والقلق والانقطاع عن الهدى، والوحشةِ من الجَنَاب الآمن المأنوس، وظلمةِ اضطراب القِيمَ وتخلخُلِ الأحكام والموازين والقيم، وظلمةِ الهواجس والوساوس .. لهم ومعهم وفيهم كلُّ نزغاتِ الشياطين ..
وكيف يُدرك في الدنيا حقيقتَه … قومٌ ظلامٌ تسَلَّوْا عنه بالظُّلَمُ
حوَّلوا الحياة هم وتلاميذُهم وأذنابُهم إلى مستنقعٍ آسن، وارتكس الدجاجلةُ شانِؤو محمد ﷺ ومعهم الغوغاء في الحمأة الوبيئة، وفي الدَّرْكِ الهابط، وفي الظلام البهيم، وأفسدوا الأرض، وأَسِنت الحياةُ بسببهم، وظَهَر الفسادُ في البرِّ والبحر بما كسبت أيدي الناس، وشكى ضوءُ النهار وظلمةُ الليل والمعقِّباتُ إلى ربِّهم، وكادت السماواتُ يتفطَّرْنَ مِن فوقهم، وتنفطرُ الأرضُ، وتَخِرُّ الجبال هدًّا لتطاولِ اللئام الأقزام على رسول الله ﷺ وعلى وحيه وعلى شريعته، وعلى تبجُّحهم، ومَلأ القولُ الفاجرُ كلَّ حاضرٍ وبادِي، وعلا فحيحُ الأفاعي ..
يُرمرِمُ من فُتاتِ الغرب قُوتًا … ويَشربُ من كؤوسهم الثُّمالةْ
يُقَبِّل راحةَ الإفرنج دَوْمًا … ويَلثِمُ دونما خَجلٍ نِعَالهْ
* * *
1 / 16
* جَحَدُوه، وحَنَّ الجِذعُ إِليه، وسَلمَ الصَّخْرُ عليه، وسجدت الحيواناتُ بين يديهِ:
جَحدوا نُبُوتَه، وكانت الأحجارُ تُسلِّمُ عليه، والجِذعُ يبكي لفِراقه ويحن إليه، وسَجَدت الحيواناتُ بين يديه تعظيمًا له:
• عن جابر بن سَمُرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إني لأعْرِف حجَرًا بمكَّةَ، كان يُسَلِّمُ علي قبل أن أبعث" (^١).
° وعن جابر بن عبد الله ﵄ قال: "كان المسجدُ مسقوفًا على جُذوع من نخْل، فكان النبي ﷺ إذا خَطَب يقومُ إلى جِذْع منها، فلما صُنع له المنبرُ فكان عليه، فسَمِعْنا لذلك الجِذع صوتًا كصوت العِشار، حتى جاء النبيُّ ﷺ فوضع يده عليه فسكت" (^٢).
• وعن ابن عباس ﵄: أن النبي ﷺ كان يخطب إلى جِذع قبل أن يَتَّخذَ المنبرَ، فلما اتَّخَذ المنبر وتحوَّل إليه، حَنَّ الجذعُ، فاحتَضَنه فسكن، وقال: "لو لم أحتضِنْه لَحَنَّ إلى يوم القيامة" (^٣).
° وعن عائشة ﵂ قالت: "كان لآل رسول الله ﷺ وَحْشٌ، فكان إذا خَرَج رسولُ الله ﷺ اشتدَّ ولَعِب في البيت، فإذا دخل رسولُ الله ﷺ سَكَن فلم يتحرك كراهيةَ أن يُؤذيَه" (^٤).
_________
(^١) رواه أحمد ومسلم والترمذي.
(^٢) رواه البخاري.
(^٣) صحيح: رواه أبو داود، والنسائي، وابن حبان والطبراني والبيهقي، والحاكم في "المستدرك"، وصححه ووافقه الذهبي .. وسنده حسن.
(^٤) حديث حسن: أخرجه الإِمام أحمد في "المسند" (٦/ ٢٠٩) وقال الشيخ مقبل الوادعي: =
1 / 17
• وعن أنس ﵁ قال: "كان أهلُ بيتٍ من الأنصار لهم جَمَلٌ يَسْنُون عليه (^١)، وإن الجَمَلَ استصعب عليهم فمنعهم ظَهْرَه، وإن الأنصار جاؤوا إلى رسول الله ﷺ، فقالوا: إنه كان لنا جَمَلٌ نُسنِي عليه، وإنه استصعب علينا، ومَنَعَنا ظَهْرَه، وقد عَطِش الزرعُ والنخل، فقال رسول الله ﷺ لأصحابه: "قوموا". فقاموا، فدخل الحائطَ -والجَمَلُ في نَاحية-، فمشى النبي ﷺ نحوه. فقالت الأنصار: يا نبيَّ الله، إنه قد صار مِثلَ الكلب الكَلِبِ، وإنا نخافُ عليك صَوْلَتَه! فقال: "ليس عليَّ منه بأسٌ"، فلما نظر الجمل إلى رسول الله ﷺ أقبل نحوه حتى خَرَّ ساجدًا بين يديه، فأخذ رسولُ رسول الله ﷺ بناصيته أذلَّ ما كانت قط حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه: يا رسول الله، هذه البهيمةُ لا تعقلُ تسجد لك، ونحن نعقل، فنحن أحقُّ أن نسجدَ لك، فقال: "لا يصلحُ لبشرٍ أن يسجد لبشر، ولو صَلَح لبشر أن يسجدَ لبشر لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجها من عِظَم حقِّه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من قَدَمه إلى مَفْرِقِ رأسِه قَرحةٌ تنبجِسُ بالقيح والصديد، ثم استقبلته فلحَسَتْه ما أدَّتْ حقَّه" (^٢).
° وعن سَفِينةَ ﵁ مولى النبي ﷺ قال: "ركبتُ البحرَ، فانكسرت السَّفينة، فركبتُ لَوْحًا، فطرحني اللَّوْحُ في أَجَمَةٍ فيها الأسدُ، فأقبل إليَّ يريدُني، فقلتُ: يا أبا الحارث (^٣)، أنا مَوْلى رسول الله ﷺ، فطأطأ رأسه
_________
= هذا حديث حسن.
(^١) أي: يَسْتَقون.
(^٢) إسناده جيد: أخرجه أحمد في "المسند" (٣/ ١٥٨)، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (٦/ ١٥٥): وهذا إسناد جيد.
(^٣) كُنْيَة الأسد.
1 / 18
وأقبل إلي، فدفعني بمَنكِبه حتى أخرَجَني من الأجَمَة، ووضعني على الطريق وهَمْهَم، فظننت أنه يُوَدِّعني" (^١).
* وأعجبُ من هذا استباقُ النوق للموت بين يديه، وكأنَّ الموت بين يديْه حياة:
• عن عبد الله بن قُرْط ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "أعظمُ الأيام عند الله يومُ النحْر، ثم يومُ النَّفْر"، وقُرِّب إلى رسول الله ﷺ خَمس بَدَناتٍ، فطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إليه (^٢) أَيَّتهُنَّ يبدأ بها، فلما وَجَبَت جنوبُها، قال كلمة خفيفة لم أفهمها، فسألت بعضَ مَن يَلِيني: ما قال؟ .. قالوا: قال: "مَن شاء اقتطع" (^٣).
ما بال النوق يسْرِعْن للموت بين يديه .. وكأنَّ الموتَ بين يديه حياة!! ما بالُها وَعَت مَا لم يَعِه غِلاظُ الأكباد مَن البشر!! وما بالها سارعت فيما يرضيه، وقصَّر في محبته مَن شَرَّفهم اللهُ بالانتساب إليه بعد أن كانوا على هامشِ الحياة لا شأنَ لهم في الأرض ولا ذِكر لهم في السماء!!.
* حتى الكلاب تَغضب لرسول الله ﷺ:
إن كانت الكلابُ تغضب لمن ينتقص شخصَ الرسول الكريم .. فماذا يفعل المليارُ وربعُ مليار ممَّن أنقذهم الله به من الظلمات، وأخرَجَهم إلى النور على يديْه؟! .. وماذا سنقول لنبينا ﷺ حينما نلقاه على الحوض؟! ..
_________
(^١) صحيح: أخرجه ابن سعد، وأبو يعلى، والبزار، والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي.
(^٢) يقتربْن منه ويسْرعْن إليه.
(^٣) حسن: رواه أحمد (٤/ ٣٥٠) وأبو داود (٥/ ١٨٤)، وحسنه مقبل الوادعي في "الصحيح المسند من دلائل النبوة" (ص ١٠٢).
1 / 19
لنُعِدَّ للسؤال جوابًا من الآن .. انظر إلى هذا الخبرِ وتدبَّرْه .. تجد العجبَ العُجاب، يَرويه حافظ الدنيا ابن حجر العسقلاني في كتابه "الدرر الكامنة": "كان النصارى ينشُرون دعاتَهم بين قبائل المغول طَمَعًا في تنصيرهم، وقد مَهَّد لهم الطاغية "هولاكو" سبيلَ الدعوة بسببِ زوجته الصليبية "ظفرخاتون"، وذات مرة توجَّه جماعةٌ من كبار النصارى لحضور حفلٍ مغوليٍّ كبير عُقِد بسبب تنصُّر أحدِ أمراءِ المغول، فأخذ واحدٌ من دُعاة النصارى في شتم النبي ﷺ، وكان هناك كلبُ صيدٍ مربوط، فلما بدأ هذا الصليبيُّ الحاقد في سبِّ النبي ﷺ زمجر الكلبُ وهاج، ثم وثب على الصليبي وخَمَشه بشدةٍ، فخلَّصوه منه بعد جَهْدٍ.
فقال بعض الحاضرين: هذا بكلامك في حقِّ محمد ﷺ.
فقال الصليبيُّ: كلاَّ، بل هذا الكلبُ عزيزُ النفس رآني أُشير بيدي، فظنَّ أني أُريدُ ضربه، ثم عاد لسَبِّ النبيّ ﷺ وأقذع في السبِّ، عندها قطع الكلبُ رِباطَه ووثب على عُنق الصليبيِّ وقَلَع زَوره في الحال، فمات الصليبي من فوره، فعندها أسلم نحوُ أربعين ألفًا من المغول" (^١).
والتطاولُ على أزكى الرسل وسيِّدهم ﷺ فاق كلَّ حدٍّ من المغضوب عليهم والضالين: اليهود والنصارى، ومن عُبَّاد البقر، والزنادقةِ، والملاحدة، وأهل النفاق .. والتطاولُ على سُنَّتِهِ وإنكارُ المتواتر منها وما صحَّحه جهابذةُ الحديث وشيوخُ الحُفاظ: أصبح تجارةً رائجةً بين الدهماء والغوغاء وأهل الخبث ممن يعرفهم أهلُ الله مِن لَحْن قولهم.
_________
(^١) "الدرر الكامنة" لابن حجر العسقلاني (٣/ ٢٠٢).
1 / 20
° وقديمًا قال ناصرُ السُّنة الإمام الشافعي -لله درُّه-: "مَن استُغضِب ولم يَغْضَب فهو حمار" (^١).
وهذي غضبتي -على قَدْري الضئيل- على صفحاتِ الكتب .. في هذه السلسلة التي أسأل الله أن يجعَلها جُنَّةً لي ورِدءً من النار .. ورِفعةً وقربةً وجوارًا لسيِّد الأبرار ﷺ، وطُهْرةً من الذنوب والآثامِ والأوزار .. فاللهم سدِّد قلمي وزِّكه، واجعل له القبولَ بين الصالحين، ونَقِّه عن أعراض الدنيا، واجعله شجًى في حلوقِ المارقين والمنافقين .. واجعله وَقْفًا على نشر السُّنة والدفاع عنها، ونشرِ محاسن هذا الدين العظيم، ونهيًا عن المنكر، ووفِّر لي الأجرَ يوم لقياك.
• قال ﷺ: "إنَّ من أمتي قومًا يُعطَوْن مثل أُجُور أوَّلِهم، يُنكِرون المُنكَر" (^٢).
* أرفع عملٍ ووسامٍ أن ننافح (^٣) عن رسولنا ﷺ:
• للهِ درُّ من ينافحُ عن رسولِ الله ﷺ، ويكونُ من أنصارِ الله ورسوله، هذا موضعٌ كريم يرفعُنا إليه الله، وهل أرفعُ من مكانٍ يكونُ فيه العبدُ نصيرًا للرب وللرسول ﷺ؟! إن هذه الصفةَ تحملُ من التكريم ما هو أكبرُ من الجنة والنعيم .. فما أجدرَ أتباعَ محمد ﷺ أن ينتدِبوا لهذا الأمرِ الدائم!.
• وطوبى لمن يُنافحُ عن رسول الله ﷺ .. فله نصيبٌ من قول
_________
(^١) "سير أعلام النبلاء" للذهبي (١٠/ ٤٣).
(^٢) صحيح: رواه أحمد، وصحَّحه الألباني في "الصحيحة" (١٧٠٠)، وحسَّنه لغيره الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيق "المسند" (٥/ ٣٧٥).
(^٣) ننافح: ندافع.
1 / 21
رسول الله ﷺ لحسان: "إن رُوحَ القُدُسِ (^١) لا يزال يؤيِّدك، ما نافحتَ عن الله ورسوله" (^٢).
• وقوله ﷺ: "إن اللهَ يؤيِّدُ حسَّانَ برُوح القدس ما نافَحَ عن رسول الله" (^٣).
• وقوله ﷺ: "إن رُوحَ القدس معك ما هاجَيْتَهم (^٤) " (^٥).
• وقوله ﷺ: "اهْجُ المشركين، فإن رُوحَ القُدسِ معك" .. قاله لحسان (^٦).
• وقوله ﷺ: "اهْجُ قريشًا، فإنه أشدُّ عليهم من رَشْقِ النَّبْل (^٧) " (^٨).
• وقوله ﷺ: "يا حسانُ، أجِبْ عن رسول الله، اللهم أيِّدْه بُروحِ القدس" (^٩).
• وقوله ﷺ: "هَجَاهم حسانُ فشَفَى واشتفى (^١٠) " (^١١).
_________
(^١) روح القدس: جبريل ﵇.
(^٢) رواه مسلم عن عائشة.
(^٣) صحيح: رواه أحمد في "مسنده"، والترمذي عن عائشة، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (١٨٦١).
(^٤) هاجيتهم: ذممتهم وتركت معايبهم.
(^٥) صحيح: رواه الحاكم في "المستدرك" عن البراء، وصححه، وصححه الألباني في "صحيح الجامع " برقم (٢٠٨٠).
(^٦) رواه أحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي عن البراء.
(^٧) رَمي السهام.
(^٨) رواه البخاري ومسلم عن عائشة.
(^٩) رواه أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي عن حسان وأبي هريرة.
(^١٠) شفى: أذهب غيظ المؤمنين، واشتفى: مزّق الكافرين.
(^١١) رواه مسلم عن عائشة.
1 / 22
° ولله درُّ حسان ﵁ وهو يقول لأبي سفيان بنِ الحارثِ بنِ عبد المطلب لما هجى رسول الله ﷺ -وذلك قبل إسلامه-:
هَجَوْتَ محمدًا فأجَبْتُ عنه … وعِندَ اللهِ في ذَاكَ الجزاءُ
هَجَوْتَ محمدًا بَرًّا تقيًّا … رسولَ اللهِ شيمتُه الوفاءُ (^١)
أتَهْجُوهُ وَلستَ له بكُفْءٍ … فشرُّكما لِخَيْركُما الفِدَاءُ
فإنَّ أبي ووالدَهُ وعِرْضي … لِعِرْضِ محمدٍ منكم وِقَاءُ (^٢)
نعم .. إن أعراضنا ودماءَنا وأنفُسَنا وأهلينا فداءٌ لرسول الله ﷺ ..
عِرضي فدا عرضِ الحبيبِ محمدٍ … وفِداهُ مُهجةُ خافقي وجَناني
وفداهُ كُلُّ صغيرِنا وكبيرِنا … وفداهُ ما نظرت له العينانِ
ننافحُ عنه وذاك عزُّ الدهر .. ونمدحه وهذا علوٌّ وسموّ .. ونقول:
عذرًا رسول الله ﷺ .. ننافح عن سيِّد السادات، وذاك بَهاءُ وعز الدهر .. ونمدحه وذاك علوٌّ وسموٌّ، وتَقصر كلماتُنا مهما أوتينا من لَسَنٍ وفصاحة أن نوفِّيه عُشْرَ معشار قَدْره ﷺ ..
بمديحِهِ العَطِرِ المَنيفِ تَعَطَّرَتْ … وتطهَّرَتْ وتنوَّرْتَ أوْزَانِي
يُعطِي القَرِيضَ غَضاضةً ونضارةً … وفَصاحةً تُرْبِي على سُحْبَانِ (^٣)
_________
(^١) عند ابن عساكر (٤/ ١٢٧):
هجوت محمدًا برًّا حنيفًا … رسولَ الله شيمته الوفاء
وفي "الاستيعاب" (ص ٤٧٤):
هجوت مُطَهَّرًا برًّا حنيفًا … أمينَ الله شيمته الوفاء
(^٢) "ديوان حسان بن ثابت" (ص ٧٦) -تحقيق دكتور سيد حنفي- دار المعارف.
(^٣) ديوان الصرصري: ورقة ١١٥ .. انظر "المدائح النبوية حتى نهاية العصر المملوكي" - للدكتور محمود سالم محمد - دار الفكر - سورية.
1 / 23