Al-Usul Al-Muhaddabiyyat
الأصول المهذبية
Noocyada
باب في النبوات
الخطاب من القديم سبحانه ممكن لكونه قادرا على جميع المقدورات وهو من المقدورات. والإعلام ممكن لكونه مقدورا لأنه فاعل العلوم الضرورية بطرق مثل المشاهدات والمخبرات وبغير طرق مثل أصول الاستدلال وأحكام الأفعال. والنبوات إلى هذين القسمين ترجع، فهما مقدوران، ولا وجه قبح فيهما لأن كما حسن الإعلام بالضروريات يحسن الإعلام بغير ما يتعلق بأصول العقليات إذا تعلق به داع لأن لا وجه قبح في ذلك لأنا إذا عرضنا على ذلك جميع وجوه القبح انتفت عنها وفي ذلك تفضل على المكلفين بإعلامهم أحكام أفعالهم بطريق الخطاب وبالإعلام الخاص وليس في العدول عن الإعلام العام إلى الخاص وجه قبح لأن كل منهم يقوم مقام الآخر وفي هذا زيادة تشريف ونعمة على الخاص وليس في ذلك نقص له سبحانه يتعال عن ذلك
كما أن ليس في إعلامه بالضروريات نقص. وإذا لم يكن في ذلك وجه قبح مع ثبوت وجه الحسن الذي ذكرناه فقد حسن، وإذا حسن وحصل في ذلك مصلحة ووقف التكليف وصحته عليها وجب ذلك تبعا لإرادة التكليف، ويجب تبعا لذلك إيضاح الطريق إلى صحة ذلك، وليس إلى ذلك طريق إلا فعله سبحانه، والمعتاد من فعله لا علقة له بذلك، فيجب أن يكون غير المعتاد ليستدل بمخالفته العادة على أن الغرض بذلك غيرالغرض بالعادة وأن له علقة بالمتجدد علمه، فيكون غرضه به التصديق لأن ليس يتعلق بالخبر المتجدد إلا إما التصديق أو التكذيب. والتكذيب يكفي فيه رفع التصديق لأنالقديم سبحانه إذا ادعي عليه الرسالة يجب عليه تصديق الرسول وإلا كان إعلامه بالرسالة وإنفاذه عبثا، فرفع تصديقه دليل على تكذيبه، فيجب أن يفعل ما هو خارق للعادة ويكون له علقة بالمدعى ولا علقة له غير علمه به وادعائه له وموافقة ثبوته
لدعواه، ويجب أن يكون هذا المعجز مشتهرا بحضرة الجماعات الذين لا يصح عليهم التلبيس ولا الكذب ولا التواطؤ ولا التشاعر فمتى ما ثبت المعجز مطابقا للدعوى دل على معرفته ذلك من جهة الله سبحانه، وإن فعله سبحانه له يدل على أن غرضه تصديقه، ومن حيث حكمته سبحانه لا يصدق الكذابين فيدل فعله المعجز على صدق النبي
باب في الشرائع
الشرائع تجب لكونها ألطافا لأن العقليات قد عمت ما علم حكمه من جهتها فلو كانت الشرعيات تجب لنفسها كوجوه وجوب العقليات لكان يجب إذا علمت من قبل الشرع أن تعلم أحكامها كالعقليات لأن وجه وجوبها هو صفتها الظاهرة، ووجوه الوجوب والقبح التي لا ترجع إلى الغير ظاهرة من صفات الأفعال، فيجب أن يكون وجه وجوبها خفي والخفاءهو من حيث العلقة لأن ما ليس هو بعلقة لا يخفى فيجب أن تكون علقتها بالعقليات لأن الأمور الدنيوية لا تتعلق بها لأن المنفعة بالشرائع أقل
من الضرر بها فبقي أن ترجع إلى غيرها المنفعة بها وليس غير الأمور الدنيوية غير منافع التكليف وليس تكليف غير الشرعيات إلا العقليات فيجب أن ترجع إليها وهو أن يكونداع إليها وما نهي عنه صارف عنها ويجب أن لا تتناول إلا الممكن دون المستحيل لأن لا تقوم الأدلة على المستحيل فهذا الكلام فيها
باب فيما ينبغي أن يكون بنية العاقل
العاقل إنما جعل عاقلا ليفعل بمقتضى عقله وهي دواعي الحكمة، ودواعي الحكمة قد تتعلق بدواعي الحاجة في من تصح عليه الحاجة وقد تنافيها، فما نافتها وجب تحكيم دواعي الحكمة على دواعي الحاجة لأن الحكم لدواعي الحكمة حسب ما بيناه متقدما وما اجتمعت فيه دواعي الحكمة مع دواعي الحاجة وجب فعله وأن يقصد به الداعيان جميعا ويجب أن تطرح دواعي العاجلة إذا نافت دواعي الآجلة من حيث استمرار تلك الدواعي وانقطاع هذه. والمنقطع لا نسبة له إلى غير منقطع وليس تلك المضار والمنافع المستأنفة مشكوك فيها فيقع
الترجيح إلى العاجلة عليها من حيث العلم لأن تلك من حيث تعلقها بالله سبحانه يعلم ثبوتها لأنها واجبة عليه حسب ما بيناه وهذه من حيث أنها لا تتعلق به وهي مستقبلة فهي مظنونة وتلك معلومة فقد صار يجب أن يكون الحكم لتلك الدواعي من حيث عظم متعلقها ومن حيث العلم بها وزيادة قوة العلم عن الظن، فيجب أن يوطن المكلف نفسه على استصغار أمور الدنيا من حيث نزارتها وقلة الثقة بها، واستعظام أمور الآخرة لعظمها والثقة بنيلها، وأن لا يستبطئ حصولها لأن ليس موته مما يحيل ذلك ولا مما يطوله لأن حكم الميت دون حكم النائم فكما لا يطول نوم النائم عليه مدة النوم إلا متى كان معه يسير يقظة أحرى الموت في ذلك.
Bog aan la aqoon