ومن المزيلة (¬1) من زعم أن أفعال العباد ليست بشيء (¬2) وليس لها إرادة، وأن الله لا يعلمها حتى تكون، فرارا أن يلزمهم ما ذكرنا من إثبات خلقها وإرادتها واستطاعتها معها. وغفلوا عن قول الله عز وجل: { لقد جئتم [ شيئا إدا ] (¬3) } (¬4) /[47] و { شيئا نكرا } (¬5) وقوله: { وكل شيء فعلوه في الزبر. وكل صغير وكبير مستطر } (¬6) فيلزمهم أن يعذبهم الله على غير شيء فيظلمهم، لأن من يعذب على ما ليس بشيء فهو ظالم جائر، وما ليس بشيء فهو عدم باطل لا يستحق عليه ثواب ولا عقاب.
وقد اختلف الناس في معنى الشيء وحقيقته (¬7) . وقولنا الذي حفظناه عن أخيارنا رحمهم الله أن الشيء والموجود والموصوف والمسمى هو المعلوم أنه كان أو يكون في وقت ما وإن كان فانيا. وما ليس بشيء فهو باطل وعدم. والمعدوم على وجهين: معدوم فان، ومعدوم يوجد. وقال بعض الناس: إن الشيء هو الموجود الحاضر ليس بمعدوم، فيلزم هذا أن تكون الآخرة والجنة والنار، والمعدومات كلها ليست بأشياء بعدما سماها الله ووصفها وعلم أنها تكون.
¬__________
(¬1) 53) المزيلة اسم لم نجد له ذكر في كتب الفرق الإسلامية. وهو من المزايلة من زاوله مزايلة وزيالا. والمزايلة: المفارقة.
(¬2) 54) ب: بأشياء.
(¬3) 55) - من ج.
(¬4) 56) سورة مريم: 89.
(¬5) 57) سورة الكهف: 74.
(¬6) 58) سورة القمر: 52/53.
(¬7) 58*) حقيقة الشيء عند البرادي: هو المخبر عنه وعند الأشعرية هو الموجود. والمعدوم عندهم ليس بشيء وعندنا - الإباضية - شيء معدوم والعدم عندنا ليس بشيء. انظر رسالة في الحقائق (السابق)، ص35.
Bogga 139