فهذا رد على الله إذ يقول: { لا تهدي من أحببت } (¬1) . { ومن يضلل الله فما له من هاد } (¬2) . { ومن يضلل الله فلا هادي له } (¬3) . فربهم على قياد قولهم عاجز مغلوب إذ (¬4) كان يقدر أحد أن يحوله عن إرادته، وعلمه، ووعيده. ويدخل عليهم ما يدخل على الثنوية، ويقال لهم: أيكم أنفذ إرادة وقدرة أنتم أم ربكم ؟ فأيما قالوا من (¬5) ذلك نقضوا أصلهم، وبان خطؤهم ؛ لأنهم أشبه بالثنوية قولا لإثباتهم القدرة لأنفسهم على أعمالهم دون الله وما لم يفعلوه، تعالى الله أن ينازعه أحد في ملكه وفعله وتدبيره. ولا يقدر أحد أن يضل من هداه الله، /[46] كما لا يقدر أن يهدي من أراد الله أن يضله كما قال الله لنبيه عليه السلام: { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } (¬6)
¬__________
(¬1) 41) سورة القصص: 56.
(¬2) 42) سورة الرعد: 33. الزمر: 23 و36 غافر: 33. قال أبو عمار عبد الكافي: «وليس بجائز أن يشاء الله كون شيئا من الاشياء ثم هو غير كائن، ولا يريد الطاعة ممن كانت منه الطاعة غير كائنة قال: فإن قال قائل: هل أراد الله من الكافر أن يؤمن ومن العاصي أن يطيع ؟ قيل: أما أهل الإثبات فيميلون في هذا الوجه إلى معنى الدعاء والأمر لأن أن يؤمن عنده وأن يطيع أكثر من الإيمان والطاعة... إلى أن يقول فإن قال قائل هل أراد الله الكفر من الكافر كما أراد الإيمان من المؤمن ؟ قيل: أراد أن يكون الكفر كفرا من الكافر كما أراد أن يكون الإيمان من المؤمن إيمانا لا على أنه دعا إلى الكفر كما دعا إلى الإيمان، وكذلك لو قال: هل أراد الله الإيمان من المؤمن كما أراد الكفر من الكافر مثل الأولى. انظر في هذا كتاب " شرح الرد على الجهالات " بتحقيقنا السابق، ص273.
(¬3) 43) سورة الأعراف: 186.
(¬4) 44) ب، م: إذا.
(¬5) 45) ب، ت: عن وما أثبتناه من ج، م.
(¬6) 46) سورة القصص: 56..
Bogga 137