وإلا بطلت دلالة الخلق على نفسه أن له خالقا. والتسبيح من الخلق هو التنزيه، والتنزيه نفي شبههم وصفاتهم، وذلك موجود في اللغة، تقول: لم يزل الله نفى عن نفسه شبه الأشياء. ويقولون: النار نفت عن نفسها البرودة، أي كذلك كانت حارة ليست بباردة، ودل الفعل/[8] كله على أنه لا يشبهه فاعله، ولو أشبهه لكان الفاعل فعلا والفعل فاعلا والله أبعد أن يشبه فعله وأشد خلافا لهم في خلاف بعضهم لبعض، لأنه قديم وهم محدثون وصفات الحدث عنه كلها منفية. وأما ما احتجوا به من قوله تعالى: { الله نور السماوات والأرض } (¬1) وقوله (¬2) : { يد الله فوق أيديهم } (¬3) : { تجري بأعيننا } (¬4) و: { في جنب الله } (¬5) ونفسه، وأشباه هذا من الآيات المتشابهات (¬6) والروايات عن النبي عليه السلام، فأغفلوا فيه النظر وحملوه على غير تأويله وتركوا قول الله عز وجل: { ليس كمثله شيء } وقوله: { هل تعلم له سميا (¬7) } وقوله: { الواحد القهار } (¬8)
¬__________
(¬1) 63) سورة النور: 35. ذكر المؤلف هذه الآية و الآيات بعدها ردا على المشبهة والمجسمة لأنه لا يجوز على الله عز و جل أن يقال: إنه في موضع كذا ولا في موضع كذا من الدنيا و الآخرة و لا من الجنة و النار، ما خلا القول بأن الله في السماوات وفي الأرض أتباعا لقوله عز وجل في هذه السورة أوفي سورة الزخرف -84- « وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله » وما سوى ذلك من الأماكن والخلق إنما يقال « إنه في كل مكان » ولا يقصد بذلك ما يوهم التحديد . أنظر في ذلك بتفصيل أكثر- شرح الرد على الجهالات (السبق) ص 383/384.
(¬2) 64) م: قول الله.
(¬3) 65) سورة الفتح: 10.
(¬4) 66) سورة القمر: 14.
(¬5) 67) سورة الزمر: 56.
(¬6) 68) ج: المتشابهة.
(¬7) 69) سورة مريم: 65.أنظر في تفسيرها وآراء المتكلمين فيها، كتاب شرح الرد على الجهالات (السابق) ص 146.
(¬8) 70) سورة يوسف: 39. الرعد: 16. إبراهيم: 48..ص:65. الزمر: 04. غافر: 16.
Bogga 60