تقديم
وبعد، فإن ارتباط الأمة الإسلامية بالفَتْوى، عنوان على ارتباطها بالأحكام المَرْعِيَّة، وتعاليم الدين المَرْضِيَّة، وهي سمة من سمات الوصل بين الأصل والمآل لدى المسلمين.
لقد كانت الفتوى محور اهتمام في تاريخ الفقه الإسلامي، كما تشكل حاليا، أحد أبرز الانشغالات في المجال الديني، التي لها امتداداتها الداخلية والخارجية، والحاضرة والمستقبلية.
وقد اشترك الحاضر والماضي، في السعي الدؤوب من لدن الفقهاء وأولي الأمر، لأن تكون الفتوى على سنن جامع وطرق منضبطة، تنتظم أمر الكافة، وتستقر في حضنها الأوضاع العامة والخاصة.
وهذا ما يفسر اتفاق المذاهب على ثابتين كبيرين في باب الفتوى : الثابت الأول : انضباط الفتوى من الناحية الشكلية والمنهجية، فضبطوا لذلك مفهوم المفتي وشروطه وطرق تصرفه بالفتوى وكيفية الإفتاء والاستفتاء، وآداب كل ذلك، وأهم القواعد التي تحقق المقصود من هذا المهم العظيم في الدين.
وقد اجتمعت تحريرات كل ذلك ومقرراته، في رسائل وكتب مفردة لأدب المفتي والمستفتي، علاوة على امتداد الموضوع في أبواب الاجتهاد، من كتب الأصول وفي أبواب القضاء من كتب الفقه، ومباحث في ثنايا كتب النوازل.
الثابت الثاني : توحيد مضامين الفتوى ومحتوياتها العامة، بحيث لم يكتف العلماء جزاهم الله خيرا بالقواعد الشكلية، والشروط الشخصية، والمرجعيات العامة