78
وغني عن الإيضاح أن الرقم «7» قد نال حظوته القدسية في الإسلام، والقرآن الكريم ثري بالآيات التي تجعل لهذا الرقم مكانة خاصة، (طبقات السماء، والأرض، ودرجات الجنة، وأبواب العالم الآخر، وكذلك السنابل السبع، والبقرات السبع ... إلخ). كذلك نجد في التفاسير الإسلامية القرآنية صدى لما اعتقده البابليون في قدرات الزهرة الجنسية وتمكنها من ملكاتها الجسدية الإغوائية. وقد جاء في سورة البقرة:
واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر .
79
ومن التفاسير الحديثة تفسير «وجدي» يقول فيه: «فتنة: أي اختبار وابتلاء، والفتنة أيضا الضلال والإثم والكفر والفضيحة ... وفتنه الشيء أعجبه، وأفتن فلانا أوقعه في الفتنة.»
80
وفي التفاسير القديمة تفسير «الطبري» الذي يورد قصة تشرح هذه الآيات، يمكن إيجازها في الآتي:
إنه لما وقع الناس من بعد «آدم» في الضلال، شرعت الملائكة تطعن في أعمالهم، فأراد الله أن يبتلي الملائكة أنفسهم، فأمرهم باختيار ملكين من أعظم الملائكة علما وزهدا وديانة، فاختاروا «هاروت» و«ماروت»، وأهبطا إلى الأرض بعدما ركبت فيهما شهوات الإنس، وأمرا أن يعبدا الله ولا يشركا به أحدا، ونهيا عن قتل النفس والزنى وشرب الخمر وغير ذلك من المعصيات. وفي الأرض عرضت لهما امرأة هي الزهرة، فغلبت عليهما الشهوة، فأقبلا عليها وراوداها عن نفسها، فأبت إلا أن يكونا على أمرها ودينها، وأخرجت لهما صنما يعبدانه ويسجدان له، فامتنعا وصبرا ردحا. ثم أتياها وراوداها عن نفسها، فأبت ثانية واشترطت عليهما إحدى ثلاثة، إما عبادة الصنم أو قتل النفس أو شرب الخمر، فقالا كل ذلك لا ينبغي، ثم احتدمت بهما الشهوة فآثرا أهون المطالب وهو شرب الخمر، فسقتهما حتى أخذت الخمر منهما ووقعا بالزهرة، وهنا مر بهما إنسان فخشيا الفضيحة فقتلاه، ويشاءان الصعود إلى السماء بعد أن عرفا وقوعهما في الخطيئة فلا يستطيعان، ويكشف الغطاء بينهما وبين الملائكة في السماء. فتنظر الملائكة إلى ما وقع فيه هاروت وماروت من الذنب، فيعجبون كل العجب، ويأخذون في الاستغفار لمن في الأرض من البشر. ويروى أنها طلبت منها تعليمها الكلام الذي يصعدان به إلى السماء فعلماها، وعرجت بهذا الكلام السري إلى السماء، وهناك نسيت الكلام الذي تنزل به فبقيت مكانها، وجعلها الله هذا الكوكب الجميل. أما «هاروت» و«ماروت» فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا لأنه ينقطع فجعلا ببابل يعذبان منكوسين في بئر إلى يوم القيامة.
81
ويروى عن «عبد الله بن عمر» أنه كان كلما رأى الزهرة يلعنها ويقول: «هذه التي فتنت هاروت وماروت.»
Bog aan la aqoon