«فإني أكره أن يسقط منك خمارك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين» دليل على أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها - فضلًا عن غيره - عند البصير من الرجال الأجانب؛ وذلك لأن الخمار عام لمسمَّى الرأس والوجه لغة وشرعًَا (١)،
ويشهد لهذا ما تقدم من قول الحافظ ابن حجر في تعريف الخَمْر: «ومنه الخِمار؛ لأنه يغطي وجه المرأة».
وقول القاضي أبي علي التنوخي فيما ينسب إليه:
قل للمليحة في الخمار المذهب ... أفسدت نسك أخي التقى المذهب
نور الخمار، ونور خدك تحته ... عجبا لوجهك كيف لم يتلهب
وهذا الحديث ينبغي أن يفهم في ضوء قوله ﷺ: «المرأة عَورَةُ».
وإذا كان النظر إلى وجوه النساء أعظم فتنة من النظر إلى رؤوسهن، فبعيد أن تأتي الشريعة الكاملة بإيجاب ستر الرؤوس، وإباحة كشف الوجوه، وقوله: «لم يرك» ظاهر في إرادة جميع ما يبدو منها من وجه ورأس ورقبة، وليس في الحديث ما يدل على وجوب ستر الرأس وحده دون الوجه (٢).
الدليل العشرون: حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﵄ - قَالَ: قَبَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَجُلًا، فَلَمَّا رَجَعْنَا، وَحَاذَيْنَا بَابَهُ إِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ
(١) انظر: نظرات في حجاب المرأة المسلمة، ص ٧٢ - ٧٣، والصارم المشهور، ص ٧٧ - ٧٨.
(٢) انظر: عودة الحجاب، للمقدم، ٣/ ٣٢٨.