[164_2]
فوضع هذا المبحث موضع المناقشة بين العلماء، فقال السواد الأعظم بقوله، وأبى بعضهم تورعا أن يوافقوه على أن القرآن مخلوق، فطلبهم للبحث، وكان في مصيفة في الرقة، وكتب إلى عامله في بغداد أن يمتحن القضاة والمحدثين ويكشفهم عما يعتقدون في خلق الله القرآن وإحداثه، وقال له: وأعلمهم أن أمير المؤمنين غير مستعين في عمله، ولا واثق فيما قلده الله واستحفظه من أمور رعيته، بمن لا يوثق بدينه، وخلوص توحيده ويقينه وأنه لا توحيد لمن يقر بأن القرآن مخلوق وأمر أيضا بأن يكتب إلى الآفاق بذلك؛ وقد أحدث هذا الرأي ضجة في الأمة شأن، كل فكر جديد ينقسم فيه الناس إلى مثبت وناف، ودل بعض الممتنعين عن التصريح بما لا يعتقدونه على الأخذ بالاحتياط في دينهم، فأوذي بعضهم وما أراد المأمون أذاهم ، وقبض إلى ربه وبعض الذين توقفوا عن التصريح بما أريدوا على البيان فيه قيد السجن، فاتخذ أعداؤه من ذلك سبيلا إلى النيل منه، وسمعوا ذلك المحنة؛ وفي هذا العصر الزاهر نشأ عمرو بن مسعدة.
- -
أصله وحياته ونشأته:
هو عمر بن مسعدة بن سعد بن صول، وصول كان رجلا تركيا وكان ملك وأخوه فيروز على جرجان، وتمسجا بعد التركية، وتشبها بالفرس، وصول لقب ملوك دهستان، كان يطلق عليهم كما يطلق شاهنشاه وكسرى على ملوك الفرس الساسانية.
ولما وافى يزيد بن المهلب بن أبي صفرة في ولاية سليمان بن عبد الملك ابن مروان جرجان أمن الأخوين، فأسلم صول على يده، وغدا محمد بن صول من الرجال الدولة العباسية ودعتها بعد ذلك. وكان بعض أهليهم أدعوا أنهم عرب، وأن العباس بن الأحنف الشاعر خالهم. وقيل أن أبا الفضل عمرو بن مسعدة هو
Bogga 164