Qoraayaasha Carabta ee Cusmaaniyiinta
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Noocyada
ولم يخش وقع النجم والدبران
57
على أن فلسفته الإلهية ليست مما ينظر إليه في معيار شاعريته وتفكيره، وإنما تقوم منزلته على آرائه في الحياة.
ما أدرك عليه
كان انحدار المتنبي في مقابحه بقدر ارتفاعه في محاسنه، فجعل منها سلاحا ماضيا بأيدي خصومه يحاربونه به. ولا نريد أن نتقصى جميع ما أدرك عليه، فهذا بحث يطول أمره، وليس محله هنا. وقد عالجه قبلنا جماعة من الأدباء المتقدمين كالصاحب بن عباد، والقاضي الجرجاني، والحاتمي، والثعالبي، والواحدي وسواهم. فبحسبك أن ترجع إلى الوساطة، أو يتيمة الدهر، أو الصبح المنبي لتقع على ضالتك. بل حسبك أن تطالع البحث البليغ الذي ذيل به الشيخ إبراهيم اليازجي ديوان أبي الطيب؛ فإن فيه نهاية الأرب. وإنما نحن نجتزئ بالدلالة على أنواع معايبه، وبيان أسبابها، فنقول: إن المتنبي كان يعنى بتصيد المعاني ويغوص عليها في أبعد قراراتها، حتى إذا أمكنته أبرزها بالثوب الذي يتفق له، فسواء عليه كان كرابيس أو خزا وديباجا. وربما ازدحمت عليه المعاني في البيت الواحد، فيلجأ في إظهارها إلى التقديم والتأخير، والحذف وتقصير الألفاظ، فيكثر تداخله وتعقده ويطبق عليه الغموض، فلا يحصل معناه إلا بعد كد الخاطر وإرهاق الذهن. واستبان للشيخ إبراهيم أن طائفة من غوامض المتنبي ليس فيها كبير معنى بحيث لو حللتها لما رأيت للشاعر عذرا في إلباسها هذا الثوب البالي. وعزا ذلك إلى التعمية في صور التراكيب، وإلباس المعنى غير ثوبه، فقد كان المتنبي يقع على المعنى الساقط فيحاول الخروج به إلى الإغراب، وعلى المعنى المسبوق فيحاول البعد به عن أصله، فيغير ديباجته ويتحذلق فيه حتى يفسده. وأكثر معمياته واردة في أوائل شعره قبل أن تستحكم ملكته، وكان يومئذ يحتذي خطة أبي تمام فيغرب ويتكلف، وينقب عن الوحشي من اللفظ، ويعتمد الصيغ الشاذة، والتراكيب الجافية، ويسرف في طلب المجاز والبديع، فمن ذلك قوله:
أحاد أم سداس في أحاد
لييلتنا المنوطة بالتنادي؟
58
قال الصاحب بن عباد: «وهذا من عنوان قصائده التي تحير الأفهام، وتفوت الأوهام، وتجمع من الحساب ما لا يدرك بالارتماطيقي، والأعداد الموضوعة للموسيقى.» ويؤخذ عليه فساد ذوقه في مطالع المدح:
أوه بديل من قولتي واها!
Bog aan la aqoon