وأيضا ينبغى أن ننظر فيما كان من التصاريف والاستعمالات والأفعال والأعمال، وننظر فى هذه أيضا من تلك لأن بعضها يتبع بعضا — مثال ذلك أنه إن كان ما يجرى على جهة العدل آثر مما يجرى على جهة الشجاعة فإن العدالة آثر من الشجاعة. وإن كانت العدالة آثر من الشجاعة، فإن ما يجرى على جهة العدل آثر مما يجرى على جهة الشجاعة، وكذلك الأمر فى الأشياء الأخر.
وأيضا إذا كان لشىء واحد بعينه يوجد شىء هو أجود منه وآخر دونه فى الجودة، فإن الأجود آثر؛ وإن كان أحد الاثنين أجود بكثير. — وأيضا ما كانت زيادته آثر من زيادة غيره فهو أيضا آثر — مثال ذلك أن المحبة آثر من المال، وذلك أن زيادة إفراط المحبة آثر من زيادة المال. والشىء الذى هو أحب إلى الإنسان أن يكون هو شبيها لنفسه آثر عنده مما يكون شبيه غيره، مثل ما أن الأصدقاء آثر من الأموال.
وأيضا ما يكون من الزيادة وهو أن ننظر إن كان إذا زيد على شىء واحد بعينه جعل الجملة آثر. وينبغى أن نتوقى أن نقدم الأشياء التى أحد المزيدين فيهما يستعمله الأمر العام، أو هو يعين له بضرب من الضروب، والآخر لا يستعمله ولا هو معين، بمنزلة المنشار والمنجل مع النجارة، وذلك أن المنشار إذا قرن بالنجارة كان آثر؛ فأما على الإطلاق فليس هو آثر. وأيضا إذا زيد على الأقل فجعل الجملة أعظم. — وكذلك من النقصان، فإن الذى إذا نقص من شىء واحد بعينه فجعل الباقى أقل، هو أعظم.
Bogga 543