وعند تثبيتنا أن المتضادات موجودة لشىء واحد بعينه ينبغى أن نبحث عن ذلك فى الجنس، مثال ذلك إن أردنا أن نبين أنه قد يوجد فى الحس صواب وخطأ، قلنا: الإحساس هو تمييز، والتمييز يكون بصواب وبغير صواب. ففى الحس يوجد صواب وخطأ. فالبرهان إذا الآن على النوع من الجنس، وذلك أن التمييز جنس للإحساس، وذلك أن الحس يميز بجهة من الجهات. وقد يكون أيضا البرهان على الجنس من النوع، وذلك أن كل ما يوجد للنوع قد يوجد أيضا للجنس — مثال ذلك أنه إن كان علم يوجد خسيسا وفاضلا فقد يوجد حال كذلك، لأن الحال جنس للعلم. — فالموضع الأول يكذب فى التثبيت، والثانى يصدق. وذلك أنه ليس يلزم ضرورة أن يكون كل ما يوجد للجنس يوجد أيضا للنوع: فإن الحيوان يوجد طائرا وذا أربع، وليس الإنسان كذلك. وكل ما يوجد للنوع فواجب ضرورة أن يوجد للجنس أيضا، وذلك أنه إن كان الإنسان فاضلا فقد يوجد حيوان فاضلا.
فأما فى الإبطال فالمكان الأول صادق، والثاتى كاذب. وذلك أن كل ما لا يوجد للجنس، فليس يوجد أيضا للنوع. وكل ما كان لا يوجد للنوع فليس يجب ضرورة ألا يوجد للجنس، لأنه من الضرورة أن ما يحمل عليه الجنس فقد يحمل عليه شىء من الأنواع. وكل ما كان له جنس أو كان يقال من الجنس عن طريق اشتقاق الاسم، فواجب ضرورة أن يكون له شىء من الأنواع، أو أن يقال باشتقاق الاسم من شىء من الأنواع، مثال ذلك أنه إن حمل العلم على إنسان من الناس، فقد يحمل على ذلك الإنسان أيضا النحو أو الموسيقى أو علم من العلوم الأخر. وإن وجد إنسان علما، أو 〈إن كان〉 اسمه مشتقا من العلم فله: إما نحو، وإما موسيقى، وإما واحد من العلوم الأخر، أو اسمه مشتق من واحد منها، كقولنا: نحوى أو موسيقار.
Bogga 512